يكون المبيع خمرا مثلا. ولا يخفى أن هذه المرتبة في الأخبار والإنشاء خارجة عن اختيار المتكلم، لأنها أمر خارجي، وليست من مدلول لفظه أيضا. وقد ظهر مما ذكرنا أمور:
الأول: أن جعل القصد من شرائط العقد أولى من أن يجعل من شرائط المتعاقدين، إذ بدونه لا يتحقق العقد كعدم تحققه الفصل بين الإيجاب والقبول، وبعدم تطابق الإيجاب والقبول، ومجرد أن عدم تحققه نشأ من قبل العاقد لا يوجب عده من شرائطه، وإلا لصح أن يقال ومن شرائط العاقد: أن لا يتلفظ بالفارسي، وأن لا يقدم القبول على الإيجاب.
الثاني: أن قياس الأمر الصوري على الكذب في الأخبار لا وجه له، لأن الكذب مرتبة ثالثة في الأخبار، والأمر الصوري يشبه الهزل في الأخبار، لأنه لم يقصد به البعث نحو المطلوب، وهكذا في العقود لو لم يقصد إيجاد المادة بالهيئة، بل قصد الهزل ونحوه، فحكمه حكم الهازل في الحكاية.
وشبيه الكذب في الأخبار منحصر في الإنشاء في عدم وقوع المنشأ في عالم الاعتبار، وعدم المطابقة في الأخبار كعدم وقوع المنشأ في الإنشاء كلاهما خارجان عن مدلول اللفظ وإمكان القصد إليه.
الثالث: ما أفاده في المسالك (1) من عدم تحقق القصد في عقد الفضولي والمكره، خلط قصد بقصد، فإن القصد يستعمل في موارد:
أحدها: قصد اللفظ.
وثانيها: قصد المعنى، فإنهما معتبران في أصل صدق العقد، فإن عقد النائم وعقد الهازل ليسا بعقد، فإنهما لم يقصدا إيجاد المادة بالهيئة.
وثالثها: قصد وقوع العقد خارجا عن طيب في مقابل وقوعه عن كره، فإن العاقد مع قصده اللفظ والمعنى تارة داعيه على وقوع مضمون العقد إكراه المكره، وأخرى غيره من الدواعي النفسانية.