ففي الأول قصد كونه مالكا من الدواعي ومن قبيل الخطأ في التطبيق، فإن المقصود إيقاع المبادلة بين المالين من المالكين، وحيث يعلم بأن كلا منهما ليسا له يبني على مالكية نفسه حتى يتحقق قصد المعاوضة حقيقة، فإذا تمت المعاوضة وأجاز المالك وقعت له.
وأما في الثاني فقصد كون ماله لغيره لا يمكن أن يكون من قبيل الخطأ في التطبيق، بل يكون ضد ذلك، لأنه يرى نفسه خارجا عن طرف المعاوضة، فصحته عن قبل نفسه لا يعقل بعد إخراج نفسه عن المالكية، وصحته عن الغير أيضا لا معنى لها بعد عدم تأثير إجازته.
وبالجملة: تنزيل الغير منزلة النفس موجب للبطلان، لأنه لا يعقل دخول البدل في ملك الغير مع عدم خروج المبدل عن ملكه، ولا وقوعه عن نفسه لإخراج نفسه عن المالكية وتعقيب إنشائه بما ينافيه.
نعم، بناء على ما ذكرنا من أن ذكر ما ينافي العقد بعد تحقق أركانه يقع لغوا ولا يوجب بطلانه فهذا القصد لغو.
وعلى أي حال، هذا القصد ليس مصححا للمعاملة، بل إما يقع لغوا أو موجبا للبطلان.
المبحث الثالث: في تعيين الموجب لخصوص المشتري والقابل لخصوص البائع...
وفيه أيضا جهات من البحث:
الأولى: في أنه هل فرق بين هذا المبحث والمبحث الثاني أو لا فرق بينهما؟
والحق عدم الفرق بينهما، ففيما إذا كان العوضان شخصيين فكما لا يعتبر تعيين البائع من يبيع له ولا تعيين المشتري من يشتري له فكذا لا يعتبر أن يعلم البائع بأن المشتري يشتريه لنفسه أو لغيره وأن الثمن ملك له أم لا، وهكذا في طرف المشتري، لأن التبديل يقع بين المالين، فكل من هو مالك للثمن ينتقل إليه الثمن، وبالعكس.