يمكنه رد العين المقترضة ولا مثلها، كما لو اقترض بطيخا ونحوه مما يفسد في هذه المدة ولا يوجد مثله فأصل صحة القرض مشكل حتى يقال بالانقلاب أو عدمه.
ثم إنه هل يفرق بين التعذر المؤقت والتعذر الدائمي أم لا؟ وجهان، أقواهما الثاني، لأن غاية ما يوجه به الفرق أن في التعذر المؤقت لبقاء المثل في ذمة الضامن أثر عقلائي، فللمالك الصبر إلى زمان وجود المثل. وأما التعذر الدائمي كالدراهم الساقطة رأسا، فمضافا إلى أنه لا يترتب أثر بقائه في الذمة لا يمكن أن يتعلق به الضمان شرعا، لأن ما لا يمكن أداؤه كيف يبقى في الذمة؟ فلا بد من القول بسقوط المثل عن الذمة: كسقوط خصوصية العين عنها بعد تلفها، ولكنه فاسد.
أما عدم ترتب الأثر على بقاء المثل في الذمة ففيه: أن له أثرا، وهو: عدم إمكان إلزام الضامن المالك بأخذ القيمة وثبوت التخيير للمالك بين المطالبة والصبر، وفي هذا الأثر كفاية، لأنه قد يتفق أن دفع الضامن القيمة موجب لتضرر المالك، وكون المال في ذمة الضامن أنفع له.
وأما مسألة أن ما لا يمكن أداؤه لا يمكن أن يكون في الذمة ففيه: أنه وإن لم يمكن تعلق التكليف بالرد إليه لخروجه عن القدرة إلا أن الوضع لا يتوقف على القدرة، فالأقوى في جميع الصور الأربع من التعذر البدوي والطارئ والمؤقت والدائمي عدم الانقلاب، ولا يقاس المثل المتعذر على العين الشخصية إذا تلفت، فإن العين التالفة لا يمكن دخولها في الذمة رأسا، فإن الذمة ظرف للكليات لا الأعيان، فتلف العين موجب لسقوط الخصوصية الشخصية، وهذا بخلاف تعذر المثل فإنه لا وجه لسقوطه عن الذمة.
الثالث: بعد ما ثبت أن للمالك التجاوز عن الخصوصية ومطالبة القيمة فيتفرع عليه أن المناط في معرفة القيمة مع عدم وجود المثل هل بفرض وجوده في غاية العزة، أو بفرض وجوده كثيرا مبذولا، أو المتوسط بينهما؟ وجوه، والحق هو الأول، ولكن لا في مورد صار عزة وجوده موجبا لأن يعد مثله عادم النظير، بل