ملك المالك الأول محتاج إلى دليل.
وبعبارة أخرى: اللزوم الحاصل من التصرف كونه مشروطا بعدم رجوع الملك إلى ملك المتصرف يتوقف على دليل، فاستصحاب اللزوم جار بلا إشكال، وهذا من غير فرق بين ما إذا قلنا: بأن تصرفات من عليه الخيار لا يوجب سقوط حق ذي الخيار عن العين بعد رجوعها إلى ملك من عليه الخيار ثانيا بالفسخ، أو لم نقل، وذلك لأن هذين القولين مبنيان على أن الزائل العائد كالذي لم يزل، أو كالذي لم يعد. وفي المقام يقتضي أن يكون الزائل العائد كالذي لم يعد. لأنه بمجرد زواله أوجب سقوط حق الرد، لأن الموضوع في باب الخيار لم يكن نفس العين، ولذا لا يسقط بالتلف.
فيمكن أن يقال: تعلق الخيار بالمثل أو القيمة يدور مدار تعذر رد العين، فإذا دخل العين في ملك من عليه الخيار فيتعلق الحق بها، وفي المقام التلف مسقط للجواز رأسا، والتصرف بالنقل في حكمه أيضا، فإذا بطل التصرف بفسخ ونحوه فرجوع الجواز متوقف على دليل.
قوله قدس سره: (نعم، لو قلنا بأن الكاشف عن الملك هو العقد الناقل... إلى آخره).
توضيح هذه العبارة يتوقف على بيان الوجوه المتصورة في نفوذ تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه، وهي أربعة:
الأول: أن إرادة التصرف موجبة لنقل الملك عمن عليه الخيار إليه، فتصرفه بالبيع ونحوه كالوطئ يقع في ملكه، وهذا الوجه وإن لم يكن مرضيا عندنا - لأن القصد المجرد عن إنشاء قولي أو فعلي لا أثر له في باب العقود والإيقاعات - إلا أنه بناء على صحته يرتفع جميع الإشكالات حتى في الوطئ، لأنه يقع بعد تحقق الملك للواطئ.
الثاني: أن الفسخ يحصل بأول جزء من الفعل أو القول، وبتمامه يحصل الملك للمشتري، وهذا يصح في البيع لا الوطئ، لأن الجزء الأول منه يكون محرما.
والثالث: أن الفسخ والبيع يحصلان معا بالتصرف إلا أن الأول مقدم طبعا على الثاني.