الصيغة، والمتعاقدين، والعوضين. وتقدم حكم الأول.
وأما الثاني فمن جملتها: بلوغ العاقد، ولا إشكال في تحققه بالاحتلام والانبات. وأما تحققه بالسن فالمشهور أنه بتمام خمسة عشر في الرجل، وقيل (1): بتحققه بعشر سنين.
ثم إنهم اختلفوا في اعتبار البلوغ في جميع الأحكام المتعلقة به وعدمه.
فبعضهم (2) فرق بين الفروع والأصول فلم يعتبره في إسلامه.
وبعضهم (3) استثنى من الفروع وصيته الشاملة لتدبيره، لأنه وصية أيضا كما يظهر من قضية وصية عيسى بن موسى المذكورة في صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج (4)، وكذلك طلاقه وعتقه ومعاملته الصادرة منه امتحانا للرشد، فإن الامتحان قبل البلوغ إنما هو بالمعاملة الحقيقية لا الصورية وغير ذلك مما هو مذكور في محله، فإن هذه المستثنيات وإن لم تكن اجماعية إلا أن جملة من المحققين التزموا بصحتها من الصبي المميز، أو ممن بلغ عشرا.
وعلى أي حال، لا إشكال في إسلام الرشيد الغير البالغ وخروجه به عن تبعية الوالدين، لأن المدار فيه على الإدراك والاقتدار على الاستدلال ولو إجمالا، فكل من عرف أن للعالم صانعا وأن له سفراء وحججا فهو مسلم حقيقة، وبهذا نفتخر على مخالفينا بأن عليا - عليه الصلاة والسلام - أول القوم إسلاما وأقدمهم إيمانا.
وكيف كان، فليس المقام مقام تنقيح ذلك، ولا بيان المستثنيات، فإن عقد البحث إنما هو في صحة معاملاته بمجرد الرشد مطلقا، أو أن صحتها موقوف على الرشد والبلوغ، فإذا قلنا بالثاني يتفرع عليه النزاع من جهات أخرى: