ثم إن قوله: (وليس بشئ) يرجع إلى صدر الحديث، أي ليس اليمين في مورد الإجبار والإكراه بشئ، فيكون السؤال والجواب جملتين معترضتين بين الصدر والذيل، ومنشأ الفصل عدم إمهال السائل لاتمام الإمام عليه السلام كلامه.
ثم إن مما ذكرنا: من الفرق بين الاضطرار والإكراه ظهر اندفاع ما يتوهم من التناقض بين كلامي المصنف.
وجه التوهم هو أن توجيهه قدس سره كلام الشهيدين (1) - وهو أن المكره والفضولي غير قاصدين لمدلول العقد - بأن المراد من القصد المفقود في المكره هو القصد إلى وقوع أثر العقد، ومضمونه في الواقع مناقض لما ذكره في أول العنوان: من أن المراد من الاختيار هو القصد إلى وقوع مضمون العقد عن طيب النفس في مقابل الكراهة، فإن قوله أول العنوان ظاهر في أن المكره قاصد لوقوع أثر العقد ومضمونه في الواقع، إلا أنه نشأ قصد وقوع مضمونه في الخارج عن إكراه، وكلامه في التوجيه ظاهر في أن المكره لا يكون قاصدا لوقوع مضمون العقد، مضافا إلى كونه غير راض به.
وجه الدفع يتوقف على تمهيد مقدمة، وهي أن الفعل المحرم الصادر عن الانسان: كشرب الخمر يقع على أنحاء: منها شربه تشهيا، ومنها شربه علاجا، ومنها شربه مكرها عليه. ولا إشكال في أن القسم الأول يصدر عنه بتمام الاختيار، من حيث اختيار الفعل واختيار الأثر الحاصل منه وهو السكر.
وأما الثاني فالفعل وقصد حصول الأثر المرغوب عنه وإن صدرا بالاختيار إلا أن قصد الأثر حصل لدفع الضرر، فهو نشأ عنه ثانيا، لا أولا وبالذات.
وأما الثالث فالفعل وإن صدر عنه بالاختيار إلا أنه لم يقصد حصول الأثر حتى في المرتبة الثانية، لأنه لا يكون غرضه في صدور الفعل حصول النتيجة.
والثاني يسمى بالمضطر إليه، والثالث بالمكره عليه.