بها، فإن غرضه وداعيه هو دفع الضرر الذي ينشأ من تركه إيجادها، فهو يوجدها بها لا عن رضا، بخلاف المضطر فإنه يوجدها بها عن رضا منه، فهو مستقل في التصرف دون المكره.
الجهة الثانية: ما أشار إليه المصنف قدس سره بقوله: ثم إنه هل يعتبر في موضوع الاكراه أو حكمه عدم إمكان التفصي عن الضرر المتوعد به بما لا يوجب ضررا آخر... إلى آخره؟
وحاصله: أن إمكان دفع الضرر بالوقوع في ضرر آخر لا يخرج الفعل عن عنوان الاكراه، ولذا لو أكره على الطبيعي فكل واحد من مصاديقه يصدق عليه أنه وقع مكرها عليه. وهكذا لو أكره على أحد الشيئين فاختيار أحدهما لا يخرجه عن عنوان الاكراه.
وتوهم: كونه مختارا في اختيار الخصوصية فاسد جدا، لأن الخصوصية إذا صدرت لدفع إيعاد المكره فليس صادرة عن طيب، وهذا لا إشكال فيه، إنما الإشكال في أنه إذا أمكنه دفع الضرر بالتوصل إلى شخص ليدفع ضرر المكره أو بالتورية فهل يكون مكرها مطلقا، أو لا يكون كذلك مطلقا، أو يفصل بين التورية فيكون مكرها وغيرها فلا؟ وجوه، والأقوى هو التفصيل، وتوضيحه يتوقف على رسم أمور:
الأول: في معنى التورية، والمشهور أنها عبارة عن إلقاء الكلام الظاهر في معنى وإرادة خلاف ظاهره مع إخفاء القرينة على الخلاف.
وفي مجمع البحرين: وريت الخبر تورية إذا سترته وأظهرت غيره، حيث يكون للفظ معنيان: أحدهما أشيع، فتنطق به وتريد الخفي... إلى آخره (1).
وفي القاموس: ورآه تورية أخفاه (2).
وفي تلخيص المفتاح: ومنه التورية، وتسمى الإيهام أيضا، وهو أن يطلق