وبالجملة: من لم يملك عمله لا يمكنه أن يملكه غيره، وعلى هذا، فلو كان العكام (1) أجيرا لأحد حتى في المشي معه لا يمكنه أن يصير نائبا عن غيره، لخروج أفعاله عن ملكه.
نعم، لو كان أجيرا له في العمل في المنزل أو بالأعم من المباشرة فيصح أن يؤجر نفسه للحج، وهكذا في مسألة الطواف، فمن كان واجبا عليه إطافة غيره لا يمكنه أن يحتسبه لنفسه، لأن حركاته ملك للغير.
نعم، لو كان أجيرا لحمله حال طواف نفسه فلا مانع.
الثاني: وردت روايات (2) تدل على حرمة بيع المصحف وجواز شراء جلده وحديده وكاغذه. وعلى هذا، فيشكل ما هو معمول في الخارج، لأن نفس الجلد والكاغذ ونحوهما لو كانت متعلقة للبيع دون النقوش والكتابة فيقتضي بقاء الكتابة على ملك البائع.
ولكن يمكن التفصي عنه بأن يقال: إن الكتابة في الأوراق نظير: كتابة عبد الكاتب، (3) فكما أن كونه كاتبا يوجب زيادة قيمة العبد مع أن الثمن لا يقع بإزاء الكتابة فكذلك بعدما نهى الشارع عن بيع نفس المنقوش ففي مقام المعاملة يوقع العقد على نفس الكاغذ الذي فيه الكلمات المباركة، فتدخل الكلمات في ملك المشتري تبعا، غاية الأمر: أنه لولا النهي لكانت النقوش جزءا للمبيع، بل كانت هي المقصودة الأصلية من المعاملة، وكانت غيرها تابعة، ولكنه بملاحظة النهي ينعكس الأمر.
ورعاية التبعية أمر ممكن قصدها من المتعاوضين، بل من التوابع ما يكون تابعا وإن لم تقصد تبعيته، نظير: دخول مفتاح الدار في الدار المبيعة.