نعم، بناء على خروج اليد التي نشأت من تسليط المالك مجانا عن العموم بالتخصص فلا يمكن التمسك به، لحرمة تصرف المتهب أو المستعير في المال الموهوب أو المستعار بالهبة أو العارية الفاسدة، ولكن الظاهر شمول قوله صلى الله عليه وآله:
(ما أخذت) لكل أخذ، حقا كان أولا، فإنا وإن استظهرنا منه أن الأخذ منصرف إلى الأخذ القهري إلا أن الأنصاف أنه انصراف بدوي، فإذا عم لكل أخذ فعدم كونه مقتضيا للضمان في مورد التسليط المجاني لا ينافي بقاء حرمته تحت العموم، وهذا لا ينافي ما تقدم منا من الملازمة بين الحرمة والضمان، فإن الاستكشاف في مقام الأثبات لا يوجب التلازم في مقام الثبوت، فيمكن أن يكون التصرف حراما، ولا يكون التلف موجبا للضمان.
وعلى أي حال، يكفي للحرمة قوله عليه السلام: (لا يجوز لأحد أن يتصرف) (1) وقوله صلى الله عليه وآله: (لا يحل مال امرئ) (2) لأنه مع بقاء العين الموهوبة في ملك الواهب وعدم تأثير الهبة الفاسدة في تملك المتهب يجب ردها إلى الواهب.
وبالجملة: لا إشكال في حرمة تصرف ما قبض بالعقد الفاسد ووجوب رده إلى مالكه فورا، إنما الكلام في أن مؤنة الرد على القابض مطلقا، أو على المالك كذلك، أو فيه تفصيل؟ وجوه، والأقوى هو الأخير.
وحاصله: أنه لو كانت المؤنة بمقدار ما يقتضيه - طبعا - رد مال الغير فهو على القابض، ولو لم يكن كذلك بأن كانت زائدة عليه فلا يجب عليه، وذلك لأن الحكم المجعول إذا اقتضى في طبعه مقدارا من الضرر فهو مخصص لقاعدة الضرر، ولا أقل من عدم حكومتها عليه.
نعم، لو احتاج الرد إلى المؤنة الزائدة على المتعارف بحيث صار وجوبه بدون جبرانه من المالك إجحافا على القابض فأدلة (لا ضرر) حاكمة عليه.
ثم لا فرق في وجوب الرد إذا كان متوقفا على المؤنة المتعارفة بين نقل القابض المال عن مكانه إلى بلد آخر، أو لا مع وجود المالك في بلد القبض.