وقد بينا في الأصول: (1) أن التمسك بقاعدة (على اليد) للحكم بالضمان في موارد الشك في المجانية، ورافع الضمان ليس من باب التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية، ولا من باب قاعدة (المقتضي والمانع) ولا من باب استصحاب العدم النعتي في حال عدم الموضوع، بل لما ذكرنا من أن الضمان مترتب على وضع اليد على مال الغير مع عدم إحراز المجانية الذي هو العدم النعتي حال وجود الموضوع، فإن التبرع والتضمين من نعوت المالك، فلو لم يكن متبرعا في وقت يستصحب عدم التبرع، ولا يعارض بأصالة عدم قصد التضمين، فإن ضمان مال الغير لا يتوقف على القصد، فتدبر جيدا.
ويظهر من السيد الطباطبائي في كتاب القضاء من العروة (2) أنه لو كان محل النزاع هو البيع أو الهبة فالأصل البراءة، وأما لو كان النزاع في إذن المالك في التصرف في ماله مجانا أو مع العوض فالأصل الاشتغال، لجريان قاعدة احترام مال المسلم في الثاني دون الأول، للاتفاق على حصول الملك للمتصرف في هذه الصورة.
ولكن لا يخفى عدم الفرق بين القسمين، فإن في الأول وإن اتفقا على كون المال ملكا للمتصرف إلا أنه علم كونه ملكا لغيره سابقا، فمع عدم إحراز المجانية يقتضي أن لا يخرج عن ملكه بلا عوض.
هذا، مع أن في مورد بقاء العين لا أثر لدعوى مدعي الهبة للعلم الإجمالي إما بتأثير فسخ الواهب لو كان مدعي الهبة متهبا واقعا، وإما بضمانه لو كان مشتريا.
قوله قدس سره: (ويدل على اللزوم مضافا إلى ما ذكر: عموم قوله: (الناس مسلطون على أموالهم) (3).... إلى آخره).
لا يخفى تمامية الاستدلال بهذه المرسلة المعروفة بين الفريقين، وبالآيتين (4) الشريفتين.