ممن يطبخه أو يصنعه خلا أحب إلي، ولا أرى به بأسا) (1)، فإن قوله: (أحب) ظاهر في أن بيعه ممن لا يذهب ثلثيه أو لا يصنعه خلا غير محبوب، أو يلتزم بالتفصيل وإن كان بعيدا بمقتضى التعبد.
وكيف كان، مع معارضة الأخبار الصريحة في الجواز لهذين الخبرين لا يمكن الالتزام بما هو ظاهرهما، فالأقوى جواز هذه المعاملة تكليفا، وصحتها وضعا.
نعم، قد يقال (2) بحرمتها من جهة كونها إعانة على الإثم، ولكن الأقوى عدم دخولها في موضوع الإعانة على الإثم. وتوضيح ذلك يتوقف على إشارة إجمالية إلى حكم الإعانة على الإثم وتنقيح موضوعها.
فنقول: لا إشكال في حرمتها، لظاهر الآية الشريفة. (3) ولا إشكال في عدم إمكان تخصيصها بعد تحقق موضوعها، لأن هذه من العناوين الغير قابلة للتخصيص، فإنها كنفس المعصية، وكالظلم، فإنه كما لا يمكن أن يكون معصية خاصة مباحة فكذلك لا يمكن أن تكون الإعانة على المعصية مباحة.
فما عن الحدائق بعد ما حكى عن الأردبيلي قدس سره من القول بالحرمة في مسألتنا من جهة كونها إعانة على الإثم: من أنه جيد في حد ذاته لو سلم من المعارضة بأخبار الجواز (4). لا وجه له، لأنه لو كان بيع العنب ممن يعلم بأنه يعمله خمرا داخلا في عنوان الإعانة فلا يمكن أن يدل دليل على جوازه، فمع ورود الدليل على الجواز نستكشف بأنه ليس داخلا في هذا العنوان.
وأما موضوعها فقد قيل: (5) باعتبار أمرين فيه:
أحدهما: إيجاد فعل بقصد تحقق الإثم من الغير.