ثم إن هذا اللزوم العقدي حق مالكي أمضاه الشارع بقوله: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (١) فإنه إذا كان من منشآت المتعاقدين لا من التعبد الصرف يصير حقا مالكيا، ولذا يجري فيه الإقالة وحق الفسخ، فإنه لو كان اللزوم من لوازم ذات المنشأ لما صح جعل الخيار في مقابله، سواء كان بجعل شرعي كخيار الحيوان والمجلس، أو بجعل من المتعاقدين كخيار الشرط.
وعلى هذا، فأصالة اللزوم المستفادة من العمومات - مثل قوله صلى الله عليه وآله: (الناس مسلطون) (٢) وقوله عليه السلام: (لا يحل) (٣) وقوله عليه السلام: (البيعان بالخيار) (٤) وقوله عز من قائل: (أوفوا بالعقود) وقوله: ﴿لا تأكلوا أموالكم﴾ (٥) وقوله: ﴿إلا أن تكون تجارة عن تراض﴾ (6) - تختص بالعقود اللفظية، ولا تشمل المعاطاة تخصصا.
أما آية (أوفوا) فواضح، لما ذكرنا من أنها ليست عقدا.
وأما (البيعان بالخيار) فلأن اللزوم الحاصل بالافتراق حيث إنه جعل مقابلا للخيار فيختص بالبيع الذي كان الالتزام الحاصل منه من منشآت المتعاقدين.
وأما سائر الأدلة فحيث إن المستفاد منها ليس اللزوم الحكمي بل اللزوم الحقي فلا تشمل المعاطاة، فعلى هذا لا تكون المعاطاة لازمة، لا بجعل شرعي تعبدي، ولا بجعل شرعي حقي، فيكون جائزا بمعنى عدم تحقق موجب اللزوم.
وعلى هذا، فالجواز على أقسام ثلاثة: الجواز الحكمي التعبدي كالهبة، والجواز الحقي كالبيع الخياري، والجواز من جهة عدم تحقق منشأ اللزوم كالمعاطاة.