حتى على القول بالمعاوضة القهرية الشرعية، لأن حكم الشارع بالمعاوضة مترتب على عنوان التعذر، ويدور مداره، ولا يمكن قياس المقام على المثلي المتعذر مثله بعد أداء قيمته، حيث قلنا بأنه لا يجب رد المثل بعد التمكن، فإنهما وإن اشتركا في أن الخصوصية العينية أو المثلية غير قابلة للإسقاط بنفسها إلا أنهما مفترقان في أن المثلية أثر كلي تدخل في الذمة، فإذا أغمض المالك عنها ولم يصبر إلى زمان تمكن المثل وطالب المالية فيقع كل ما أداه الضامن مصداقا لما في ذمته وبدلا عن الكلي.
ولا شبهة أن كل ما وقع بدلا عن الدين يوجب سقوطه ولو كان من غير جنسه، وهذا بخلاف العين الشخصية فإنها إذا سقط أداؤها بالتعذر وطالب المالك ماليتها فوقوع كل ما يؤديه الضامن بدلا عن العين يحتاج إلى معاوضة مالكية أو شرعية أبدية، لا دائرة مدار التعذر، لأن العين لا تدخل في الذمة حتى تبرأ ذمة الضامن عنها بأداء بدلها، فإذا ارتفع التعذر يجب رد العين، وهذا أيضا مقتضى قوله عليه ا لسلام:
(على اليد ما أخذت) (1) المعني بأداء المأخوذ.
السابعة: قد عرفت أن الغرامة ليست ملكا دائميا للمالك على جميع التقادير، إنما الكلام في أنه يرجع إلى الغارم بمجرد تمكنه من رد العين، أو بردها خارجا؟
وجهان، والأقوى هو الثاني، وذلك لأن التعذر وإن أوجب استحقاق البدل إلا أنه علة للوجوب، لا أنه موضوع له حتى يبطل البدلية بمجرد التمكن، وذلك لأن التمكن لا يخرج العين عما هي عليه من انقطاع سلطنة المالك عنها وعدم كونها تحت يده، فما لم يرجع العين لا تدخل تحت سلطنته ويده، ولا تعد مالا من أمواله، فالموضوع هو خروج العين عن تحت السلطنة لا التعذر، فإنه علة للوجوب كالتغير الذي هو علة لعروض النجاسة على الماء، فإذا شك في أنه علة محدثة فقط أو علة محدثة ومبقية أيضا فيستصحب بقاء البدل على ملك المالك، ولازم ذلك عدم ثبوت الضمان الجديد، فإن منشأ توهم الضمان الجديد هو عود الغرامة