المضمون في ملك الضامن، ولذا لم يلتزم أحد بأن الضامن لدين الغير يملك الدين، وعرفت أن جريان الربا في الضمان لا يلازم كونه معاوضة، ولذا ينسب إلى المشهور جريانه في الضمان العقدي، فقالوا: لا يجوز أن يصير الشخص ضامنا لدين في ذمة الغير أزيد مما في ذمته إذا كان مكيلا أو موزونا، مع أنهم لا يلتزمون باقتضاء الضمان المعاوضة مطلقا.
اللهم إلا أن يقال بالفرق بين الخمر والرطوبة الباقية على أعضاء الوضوء، فإن الخمر قابل للتخليل فيبقى حق الاختصاص للمالك، أو هو مباح لكل من سبق إليه، وأما الرطوبة فلا هي مال، ولا فيها حق اختصاص، لعدم إمكان ردها إلى المالك خارجا، وعدم قابلية الانتفاع بها لغير المتوضئ.
وبالجملة: الرطوبة شئ لا يمكن أن يتعلق بها وجوب الرد تكليفا، ولا هي في عهدة الضامن وضعا، لأن ما لا يمكن أداؤه أبدا لا معنى لأن يتعلق الضمان به، فإذا خرجت عن المملوكية عرفا فلا مانع لأن ينتفع بها من هي على أعضائه، فتأمل.
الرابعة: هل دفع البدل حق للضامن أو المطالبة به حق للمالك، أو لكليهما؟
والأقوى هو الثاني كما اختاره المصنف قدس سره، فقال: ثم إن ثبوت القيمة مع تعذر العين ليس كثبوتها مع تلفها في كون دفعها حقا للضامن (1).
ووجهه واضح، فإن مجرد التعذر لا يوجب انقلاب العين إلى القيمة كما قلنا بذلك في المثلي المتعذر مثله، فليس للضامن إلزام المالك بأخذ البدل بحيث لو امتنع منه رده إلى الحاكم، بل للمالك الإغماض عن الخصوصية الشخصية والمطالبة بالبدل، وله الصبر، لأنه لو كان العذر أبديا لم يكن المتعذر قابلا لأن يتعلق به وضع، كما لا يمكن أن يتعلق به تكليف.
وأما العذر الموقت فهو وإن استلزم سقوط الحكم التكليفي ما لم يتمكن الضامن من الرد ولو بالسعي في مقدماته إلا أنه لا وجه لسقوط الخصوصية الشخصية فالخيار للمالك، وهذا من غير فرق بين القول بأن البدل بدل عن المالية