آخر، فلا وجه لحرمته.
ولا يقال: إن بيع بائع آخر لا يوجب حلية بيع هذا، فإن ظلم ظالم لا يسوغ الظلم.
لأنا نقول: فرق بين ما كان الشئ واجبا على نحو الكفائي، وبين ما كان واجبا على جماعة بوصف الاجتماع، فإنه لو كان ترك البيع واجبا على كل أحد كفائيا فيحرم البيع على كل من باع استقلالا.
وأما لو كان قائما بالمجموع، فلا وجه لحرمته على كل أحد. وفي المقام لم يقم دليل على وجوب ترك البيع على كل واحد كفائيا، بل لا يمكن أن يدل دليل كذلك، فإنه لا معنى لتعلق النهي على شئ كفائيا، ولا على وجوب الترك كذلك، بل لا بد إما أن يقوم دليل على وجوب الفعل كفائيا، أو حرمته استقلاليا، أو وجوب الترك مجموعيا وفي المقام لا مناص عن الأخير، فإن النهي عن المنكر إنما يكون واجبا إذا كان مؤثرا، وتأثير ترك البيع في دفع المنكر متوقف على ترك الجميع، لأن ببيع واحد على البدل يتحقق المنكر.
الفصل الثالث ما يحرم الاكتساب به لغاية محرمة تترتب عليه شأنا من دون قصد البائع ترتب هذه الغاية من شراء المشتري كبيع السلاح من أعداء الدين مع عدم قصد تقويهم به، ومع عدم قيام الحرب بينهم وبين المسلمين.
ولا يخفى أن حرمة هذا لقسم لا تدخل تحت العناوين الكلية والقواعد العامة، فلا بد من الاقتصار على مورد النص، وبعض النصوص الواردة في الباب وإن كان مطلقا، إلا أنه يجب تقييده بما إذا كان بيننا حرب لا في مورد الهدنة، كما هو صريح رواية هند السراج، فقال الباقر عليه السلام: (فإذا كانت الحرب بيننا فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك) (1).