وقيل (1): باستحقاقه قيمته، لأن إتلافه لا يجوز حتى من المالك، فهو بمنزلة التلف، والأقوى حصول الشركة بين مالك الخيط والثوب، لأنه لم يتلف فعلا، ولا يصح إتلافه، فيكون كالثوب المصبوغ لو كان الصبغ من غير مالك الثوب، فيباع الثوب ويؤخذ القدر المشترك بين كونه مخيطا وغير مخيط لمالك الثوب، وقيمة الخيط لمالكه إذا كان كونه في الثوب أقل قيمة أو مساويا لما لم يكن كذلك، وقيمة الفعلي إذا كان أزيد، لأن الزيادة حصلت في ملكه. وهذه الأقوال جارية في الفسخ بالخيار والإقالة أيضا، ومنشؤها النزاع في أن فساد الخيط هل هو بمنزلة التلف الحقيقي أوليس كذلك؟ وسيجئ في خيار الغبن - إن شاء الله تعالى - حكم الثوب الذي صبغه من عليه الخيار فإن حكمه حكم المقام وإن كان بينهما فرق، وهو احترام عمل الصباغ في تلك المسألة، بخلاف المقام، فانتظر.
وأما مسألة الخلط أو المزج فتوضيحها متوقف على تمهيد مقدمتين:
الأولى: أن ملاك بدل الحيلولة لا يجري في الخلط أو المزج، فإن المدار فيه على تعذر رد المال وعدم إمكان رده لا صحيحا ولا ناقصا، لا منضما ولا مفروزا.
وأما إذا أمكن رده ولو منضما مع غيره فلا وجه لوجوب البدل عليه، فإن خصوصية المال وشخصيته وإن زالت - لأن ما لا يمكن امتيازه لا يمكن أن يتعلق به إضافة مالكية، ولا أن يتعلق به الضمان أيضا - إلا أنه مع بقائه عند الضامن وعدم تلف ماليته عرفا وشرعا لا وجه لثبوت بدل الحيلولة، كما لا وجه لإجراء حكم التلف عليه أيضا في غير مورد الاستهلاك.
الثانية: أن الاستهلاك إنما يتصور في المزج بغير الجنس إذا زال صورته النوعية حقيقة أو عرفا، فالحقيقي كمزج حقة حليب بمائة كر من الماء، فإن تفرق أجزاء الحليب في الماء الكثير موجب لذهاب صورته النوعية بالدقة، والعرفي كخلط حقة من طحين الشعير بعشر حقق من طحين الحنطة.
وأما المزج بالجنس وكذا الخلط كذلك فلا معنى لاستهلاكه، وهكذا المزج أو