وادعي (1) التبادر وصحة سلب البيع عن تمليك المنفعة بعوض.
وكيف كان، لا خلاف في ذلك، وعليه استقر اصطلاح الفقهاء. وإطلاق البيع في نقل غيرها في عدة من الأخبار كالخبر (2) الدال على جواز بيع خدمة المدبر، وبيع (3) سكنى الدار، وبيع (4) الأراضي الخراجية التي لا يجوز فيها إلا نقل منافعها مبني على رعاية علاقة، كما أن الإجارة التي جعلت شرعا بل عرفا لنقل المنافع قد تستعمل لنقل الأعيان، بل في عصرنا هذا يطلق (الضمان) ويراد منه الإجارة، وهو مبني على المسامحة، فإن الضمان يمكن أن يطلق على مطلق تعهد الشئ، أو كونه في عهدته ولو من دون تعهد عقدي.
ثم إن المراد من العين في المقام ليس خصوص العين الخارجية المملوكة فعلا، بل المراد منها ما يقابل المنفعة والحق، فتشمل العين الشخصية والكلي المشاع كثلث الدار، والكلي في المعين كصاع من هذه الصبرة، والكلي في الذمة كمن من الحنطة سلما أو حالا، والكلي المستقر في الذمة كالدين، سواء باعه على غير من هو في ذمته أو باعه عليه، لأن ذلك كله من الأعيان، ولا إشكال في شئ من ذلك إلا في بيع الكلي، فإنه قد يتوهم أن المبيع يجب أن يكون مالا للبائع قبل البيع حتى ينتقل منه إلى المشتري، ففي غير هذه الصورة المبيع ملك للبائع فعلا فيصح نقله بالبيع إلى المشتري، وهذا بخلاف هذه الصورة.
بل قد يستشكل في بيع الدين أيضا بأن الدين ليس ملكا، لأنه معدوم، والملك من الأعراض يتوقف وجوده على محل موجود.