وعلى هذا، فما أفاده المحقق الثاني: (من أن في كلام بعضهم ما يقتضي اعتبار المعاطاة في الإجارة، وذلك أنه إذا أمره بعمل على عوض معين وعمله استحق الأجرة) (1) غير وجيه، لأن هذا غير داخل في الإجارة المعاطاتية، وإنما يدخل في باب استيفاء العمل بالأمر المعاملي الموجب للضمان الواقعي، لا المسمى كما ظهر.
وحاصل مقصوده قدس سره في رد المحقق الثاني في الهبة هو أنه لا يمكن جريان المعاطاة فيها على مختار المحقق (2) الثاني القائل: بأن المعاطاة مفيدة للملك الجائز، للاجماع على عدم حصول الملك في الهبة إلا باللفظ، فجريانها فيها إنما يتم على القول بكونها مفيدة للإباحة. وفيه: أن الظاهر عدم كون المسألة إجماعية، وعدم خصوصية للهبة في توقف حصول الملك فيها على اللفظ، بل لو توقف حصوله على اللفظ لتوقف كل عقد عليه.
قوله قدس سره: (وأما على القول بالإباحة فالأصل عدم اللزوم... إلى آخره).
لا يخفى أن ما أختاره هنا ينافي ما ذكره في الأمر الرابع في الإباحة بالعوض من أن الأقوى اللزوم، فإن مدرك الأقوال الثلاثة جار في مطلق ما يفيد الإباحة، سواء كان قصد المتعاقدين الإباحة أو التمليك مع ترتب الإباحة على فعلهما، فإن وجه الجواز مطلقا هو أن العقود التسليطية دائرة مدار الإذن والتسليط.
ولذا استشكل في لزوم الوكالة في ضمن العقد اللازم بتقريب أن الوكالة ثابتة ما دام الإذن باقيا فإذا ارتفع ارتفعت، ولا يجدي اشتراط عدم عزله ولو في ضمن عقد لازم.
ووجه اللزوم مطلقا كفاية عموم (المؤمنون عند شروطهم) (3) لإثبات اللزوم، فإن العقود التسليطية لو خليت وطبعها دائرة مدار بقاء التسليط، لا فيما إذا اشترط