ومن فصل بين إجارة الأعمال وبين البيع وإجارة الأموال أدخل العمل في التبرع، وأخرجه عن الإجارة، وأخرج البيع وإجارة الأموال للمناقضة عن عنوان العقد، فيدخل كل منها تحت القواعد الكلية.
ومقتضى احترام الأموال أن يكون المتصرف فيها والمستوفي عنها المنفعة ضامنا.
وأما الحر فحيث لم يدخل تحت اليد فهو متبرع مع فساد الإجارة، ومتلف لعمل نفسه، فلا يكون المستأجر ضامنا، لأن عمل العامل بدون الإجارة والأمر لا يضمنه غيره.
الثالث (1): أنه قد يتوهم نقوض أخر لم يتعرض لها المصنف، لخروجها عن عنوان العقود المعاوضية:
منها: النكاح الدائم والمتعة الفاسدين، فإن الزوج لا يضمن المهر إذا كان جاهلا بفساد العقد وكانت الزوجة عالمة به، مع أن الصحيح منهما يوجب الضمان، فيرد النقض على الأصل. وفيه: أن مجرى القاعدة في الضمان المعاوضي إنما هو بالنسبة إلى ما دخل تحت اليد، لا في الضمان مطلقا بجعل من المتعاقدين من غير عنوان المعاوضة، مع أن عدم الضمان لدليل خارجي، ولكونها بغيا لا ينافي اقتضاء العقد للضمان، ولذا لو كانت جاهلة بالفساد فلها حق على الزوج.
ومنها: بيع الغاصب مال الغير فإنه لا يضمن الثمن للمشتري إذا تلف عنده عند الأكثر، مع أن صحيح البيع يوجب الضمان.
وفيه أولا: أن عقد الغاصب ليس بفاسد حتى يدخل في المقبوض بالعقد الفاسد، بل يقع موقوفا.
وثانيا: أن العقد لم يقع معه وبعنوان شخصه، بل وقع مع مالك المبيع فتعهد الغاصب بالثمن ليس تعهدا بعنوان المعاوضة مع شخصه، لأنه تعهد مال المشتري بمال المالك، لا على كون المال في ذمته.
ومن وقع معه العقد حقيقة ضامن للثمن لو أجاز المعاملة، فلو تلف الثمن عند