ثم إنه لا فرق بين التعذر الطارئ للمثل والتعذر الابتدائي، سواء أقلنا بالانقلاب أم لم نقل كما هو الأقوى، فإن ظاهر عنوان التذكرة في قوله: لو تلف المثلي والمثل موجود ثم أعوز (1) وإن كان اختصاص النزاع بالتعذر الطارئ - بل هو صريح جامع المقاصد، لأنه قال: لو تعذر المثل ابتداء يتعين حينئذ قيمة يوم التلف (2) - إلا أن الأقوى عدم الفرق بينهما، فإن غاية ما يتوهم من الفرق: أن التعذر البدوي بمنزلة كون العين قيمية، ولكنه فاسد، فإن القيمي ما لا يوجد له مثل في الصفات كالحيوانات والفيروزج والعقيق ونحو ذلك، لا ما كان في جنسه مثليا، ولم يوجد مثله من باب الاتفاق في عصر من الأعصار مع وجوده قبل ذلك وبعده، فمن التزم بأن التعذر الطارئ لا يوجب الانقلاب فيجب أن يلتزم بأن التعذر الابتدائي أيضا كذلك.
وبعبارة أخرى: كما أن استدامة وجود المثل ليس شرطا لتعلق الضمان بالمثل، بل يمكن بقاء المثل في الذمة مع إعوازه فكذلك التمكن منه ليس شرطا لحدوثه.
نعم، بين التعذر البدوي والطارئ فرق من جهة أخرى، وهي أن التعذر البدوي قد يوجب الشك في أن العين مثلي أو قيمي، ولكن هذا الشك مندفع بملاحظة وجود المماثل للعين قبل ذلك أو بعده.
وكيف كان، العين إذا كانت مثلية لا تنتقل إلى القيمة بمجرد تعذر مثلها، سواء تعذر حين تلف العين أو بعده.
ثم لا فرق في التعذر بين أن يكون خارجيا أو شرعيا، كما لو فرض أن جميع مماثل العين صار نجسا ولا يمكن تطهيره كالدهن أو الخل صار خمرا... وهكذا فللمالك إلقاء الخصوصية والمطالبة بالقيمة.
الثالث: هل إلقاء الخصوصية والتجاوز عن الصفات موجب لسقوطها عن ذمة