وأما الدليل الثالث: فقد أوضحنا ما في التقريب الثاني منه الذي أمر بأن يفهم ويغتنم، جزاه الله تعالى عن العلماء خير الجزاء.
وأما التقريب الأول ففيه: أن ترك الاستفصال وإن كان مفيدا للتعميم في باب النكاح ونحوه إلا أنه للتعدي إلى غير مورده لا يفيد، لأنه لو فرض بأنه عليه السلام صرح وكالة العبد لغيره أو إجرائه الصيغة وإيجاده العلقة فضولا، لأن صحة نكاحه لنفسه وإن استلزم تصحيح جهة إصداره أيضا حيث إن الإجازة ترجع إلى ما يتعلق مضمونه بالمولى فصحة جهة إصداره إنما لوحظ معنى حرفيا، وإذا دل الدليل على صحة النتيجة بالإجازة فيدل على صحة جهة الإصدار، لأنها من مقدمات حصول النتيجة إلا أن هذا الدليل لا يمكن أن يدل على صحة جهة الإصدار إذا لوحظت معنى إسميا، وعقد العبد لغيره فضولا أو وكالة جهة توقفه على إجازة المولى هو جهة إصداره، وإلا فمضمونه غير راجع إلى المولى، ولم يدل دليل على أن الإجازة أيضا كالإذن في جهة الإصدار كما لا يخفى.
إلا أن يقال: إن الأخبار الدالة على صحة نكاح العبد إذا أجازه المولى الواردة في رد حكم ابن عيينة وإبراهيم النخعي ظاهرة في إعطاء قاعدة كلية، وهي أن كلما رجع جهة الصحة إلى إذن السيد فإجازته كإذنه.
وكيف كان فمما ذكرنا من أن المراد من الشئ في الآية المباركة هو الشئ المعتد به، وأن إيجاد العبد العلقة المالكية ونحوها شئ لا يقدر عليه العبد إلا بإذن سيده. يظهر أن الوكالة من الغير أو إيقاع العبد العقد للغير فضولا أيضا محتاج إلى إذن السيد.
فما أفاده صاحب الجواهر قدس سره (1) من صحة عقد العبد للغير وإن لم يسبقه إذن ولم يلحقه إجازة استدلالا بهذه الأخبار الدالة على أن معصية السيد لا يقدح