المنشأ في الصلح هو التباني على أمر والتسالم عليه، فتأمل.
قوله قدس سره: (الثالث: تميز البائع من المشتري... إلى آخره).
محصل هذا التنبيه: أنه لو كان أحد المالين اللذين وقع التبديل بينهما من الأثمان والآخر من العروض فصاحب الثمن هو المشتري، ولو كان كل منهما من الأثمان فالمشتري هو المعطي ثانيا، ولو كان كل منهما متاعا فتمييز البائع من المشتري من وجهين:
أحدهما: ما تقدم، وهو: كون المعطي أولا هو البائع، والتالي هو المشتري.
وثانيهما: من قوم متاعه بثمن وأعطى لكونه يسوى بدرهم كذا فهو المشتري، والبائع من لم يلاحظ ماله مقوما بقيمة خاصة، ولو لم يكن كل ذلك ولا قصد ولا سبق مقاولة يدلان على كون أحدهما بائعا والآخر مشتريا ففي كونه بيعا وشراء بالنسبة إلى كل منهما، أو كونه صلحا، أو معاملة مستقلة وجوه، والأقوى عدم صحتها.
أما الأول: فإن في المعاملة الواحدة لا يمكن أن يكون كل واحد منهما بائعا ومشتريا، لما عرفت: من أن البيع تبديل أحد طرفي الإضافة بمثله، والبائع ينشئ التبديل والمشتري يقبل ذلك.
وإذا فرضنا أن الفعلين وقعا دفعة واحدة، وأن المالين كلا منهما من الأثمان أو من العروض ولم يكن سبق مقاولة منهما في تمييز البائع عن المشتري فلا بد أن يكون هناك معاملة واحدة قائمة بصرف الوجود من تبديل أحدهما وقبول الآخر، وصرف الوجود يتحقق بأحدهما من دون مميز بينهما: لا ظاهرا كما هو ظاهر، ولا واقعا، لعدم خصوصية في أحدهما دون الآخر.
وبالجملة: التبديل بين المالين لا يتصور فيه أن يكون كل واحد بائعا ومشتريا من جهة، إذ بعد حصول الإيجاب من أحدهما لا على التعيين والقبول من الآخر كذلك لا يبقى محل للإيجاب والقبول مرة أخرى، فإنه تحصيل للحاصل، والمفروض أنه لم يقع هناك إقالة منهما حتى يحصل البيع ثانيا.