لفظ له معنيان: قريب وبعيد، ويراد البعيد... إلى آخره (1).
والظاهر عدم انحصار التورية بما عرفوها به، فإن هذا الذي ذكر في تعريفها ينحصر في الأخبار، والجامع بين الأخبار والإنشاء هو أن تعرف بمطلق إخفاء المقصود، سواء أكان بهذا النحو الذي ذكر أم بنحو ذكر اللفظ، وعدم قصد المعنى بأن لا يكون ذكره اللفظ استعمالا، بل ناظرا إليه بالنظر الموضوعي. وبعبارة أخرى:
استعمال اللفظ: عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، فإذا لم يكن مقصود اللافظ هو الاستعمال إما بأن لا يلقي ما هو معناه، وإما بأن لا يلقي به معنى أصلا، بل ينظر إليه لا بما هو فان وآلي، بل بالنظر الاستقلالي كاستعمال اللفظ وإرادة شخص هذا اللفظ، كقوله: زيد لفظ فهو المورى.
وعلى هذا، فالتورية في الحكايات قد تكون: عبارة عن إراءة استعمال الألفاظ في المعاني حكاية، مع أنه ليس داعيه إلا صرف التلفظ. وفي الإنشائيات: عبارة عن كونه مرائيا بأنه يوجد المواد بالهيئات وينشئ المعاني بالألفاظ، مع أنه ليس كذلك.
وعلى أي حال لا يخرج الكلام عن الكذب بالتورية، لأنه عبارة عن مخالفة ما هو ظاهر اللفظ مع ما هو الواقع خارجا، سواء أكان اللافظ مريدا للظاهر أم لا، قاصدا لاستعمال اللفظ في المعنى أم لا.
الثاني: قد تقدم أنه يعتبر في رفع الاكراه أثر المعاملة ترتب الضرر على مخالفة الفعل المكره عليه.
ومحل بحث الأعلام في عدم اعتبار إمكان التفصي مطلقا أو اعتباره كذلك أو التفصيل بين إمكانه بغير التورية وإمكانه بها إنما هو بعد الفراغ عن اعتبار ترتب الضرر على مخالفة الفعل المكره عليه. وأما لو قلنا بأن مجرد حمل الغير على ما يكرهه يكفي في ارتفاع أثره لصدق الاكراه فالنزاع في اعتبار إمكان التفصي