في قوله: هي طالق، واسم المصدر في قوله: أنت حر، ونحو ذلك كقوله: أنت وصيي أو وكيلي، وكل ما كان من هذا القبيل.
ولا يخفى أن كون الجملة مفيدة للإنشاء أو الأخبار إنما هو باقتضاء المقام، ومن المداليل السياقية، فإن لكلمة (بعت) معنى إذا كان المتكلم به في مقام الحكاية يكون إخبارا، وإذا كان في مقام إيجاد المادة بالهيئة يكون إنشاء، وهكذا سائر الصيغ القابلة للمعنيين.
ثم إنه لا شبهة أن لكل من الأخبار والإنشاء مراتب ثلاث:
الأولى: القصد إلى اللفظ، لا بمعنى أن يكون اللفظ بالنظر الاستقلالي ملحوظا فإن هذا خارج عن استعمال اللفظ في المعنى، فإن الاستعمال عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، فاللفظ غير منظور فيه وفان صرف، بل بمعنى أن لا يكون اللفظ صادرا عن غير الملتفت، والغافل كالنائم والغالط، فإن اللفظ إذا صدر في حال النوم أو على غير عمد بأن سبق اللسان إليه فلا أثر له.
والثانية: أن يكون قاصدا للمعنى باللفظ، أي بعد كونه قاصدا لصدور اللفظ كان قاصدا لمدلوله، لا بمعنى كونه قاصدا لأصل المعنى، فإنه بعد قصده اللفظ وعلمه بمعناه لا يعقل عدم قصده معناه، فإن استعمال اللفظ عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ، بل بمعنى كونه قاصدا للحكاية أو الإيجاد، أي كان داعيه على استعمال اللفظ في المعنى الحكاية عن وقوع هذا المدلول في موطنه من ذهن أو خارج، أو إيجاد المنشأ بهذا اللفظ الذي هو آلة لايجاده، فلو كان قصده الهزل واللعب فلا أثر له، وفقد هذين المرتبتين في الأخبار يوجب عدم صدق الحكاية عليها.
وأما في المنشآت ففي العقود يوجب عدم صدق عنوان العقد، وفي الأحكام يوجب عدم صدق الحكم الواقعي، بل يطلق عليه (الحكم الصوري) أو (الهزلي)، أو نحو ذلك من الدواعي.
والمرتبة الثالثة في الأخبار: أن يكون مدلول اللفظ مطابقا لما يحكى عنه، وإلا يكون كذبا، وفي الإنشاء أن يكون المنشأ متحققا في عالم الاعتبار، بأن لا