فقد حكي عن الشيخ في المبسوط (1): كون الرطب والعنب قيميا.
وحكى المصنف (2) عن بعض من قارب عصره أنهما مثليان. فالمتيقن من المثلي بحيث لا يكون فيه اختلاف غير هذا.
الثالث: أن يكون مماثله كثيرا مبذولا، لما ظهر أن ما لا يمكن رده عادة لا يمكن أن يستقر في عهدة الضامن، فمجرد صدق المثلي عليه لغة لا يوجب أن يكون الضامن ضامنا لمثله.
الرابع: أن يكون تماثل الصفات موجبا لتماثل القيمة وتقاربها، وأما لو كان شئ مماثلا لشئ آخر في جميع الصفات والآثار، ولكنهما متفاوتان في القيمة جدا، فهذا ليس مثلا لذاك.
وعلى هذا، فالمتيقن من المثلي الحبوبات، ولكنه لا بحسب الجنس أو النوع، بل بحسب الصنف. كما أن المتيقن من القيمي الحيوانات.
وما قيل: إن الجواري والعبيد يمكن أن تكونا مثلية (3) لا وجه له، لأنه على فرض أن تكون جارية متقاربة الصفة مع جارية أخرى، إلا أن المدار في المثلي على التساوي في الصفة لا التقارب، مع أن مقتضى الحكمة الإلهية أن لا يكون حيوان مماثلا لحيوان، ولا متقاربا معه بحيث يعد أنه هو، لما يلزم فيه من المحاذير الكثيرة كما لا يخفى.
كما أن عد أصول المعادن من المثلي لا وجه له، فإن الحديد والنحاس ونحوهما وإن كانت مثلية ظاهرا إلا أن التفاوت بين أصنافها في اللين والخشونة ونحوهما يلحقها بالقيمي.
ثم إنه لو شك في كون الشئ مثليا أو قيميا فهل الأصل هو الضمان بالمثل أو القيمة، أو تخيير الضامن لأصالة براءة ذمته عما زاد على ما يختاره، أو تخيير المالك لأصالة اشتغال ذمة الضامن، أو الرجوع إلى القرعة، أو الصلح القهري؟