ثم إنه لو شك في شئ أنه من الحق أو الحكم فليس هنا أصل يعين كونه من أي منهما فالمرجع هو الأصول العملية، والأصل يقتضي عدم سقوطه، لاستصحاب بقاء ما كان قبل الإسقاط.
الثاني: بعد ما عرفت أن الحق بجميع أقسامه قابل للإسقاط فيقع البحث عن قابليته للنقل أو الانتقال إلى الغير أم لا.
فنقول: منها ما لا يقبل لغير الإسقاط: كحق القذف.
ومنها: ما يقبل النقل إلى الغير إما بلا عوض: كحق القسم على ما ذكره جماعة (1)، فإنه قابل للنقل إلى من هو مثله كالضرة، ولكن لا يجوز أخذ العوض عليه. وإما مع العوض كحق التحجير.
ثم ما كان قابلا للنقل إما يجوز نقله إلى كل أحد: كحق التحجير، أو لا يكون كذلك كحق القسم على ما عرفت من أنه لا يجوز نقله إلا إلى الضرة.
ثم إن منها ما يكون قابلا للانتقال إلى الغير، ولا يكون قابلا للنقل، إذ لا تلازم بينهما، فإن الخيار ينتقل إلى الوارث ولا يصح نقله إلى الغير، فإن المدار في قابليته للنقل على عدم تقومه بشخص خاص، والمدار في انتقال الحق إلى الوارث على دخوله تحت ما تركه الميت.
ثم إن كون حق الخيار عبارة عن السلطنة على إمضاء الحق وفسخه، لا ينافي كونه قابلا للإسقاط، وإن كانت نتيجة الإسقاط موافقة لإمضاء العقد الذي هو أحد طرفي السلطنة إلا أن الإمضاء عبارة عن إعمال الحق، والإسقاط: عبارة عن التجاوز عن الحق.
وبالجملة: كل ما كان حقا فهو قابل للإسقاط وإن كان موافقا في النتيجة مع إعمال أحد طرفي السلطنة.
الثالث: أن كل حق كان قابلا للنقل إلى الغير: كحق القسم - مثلا - لا يقبل نقله إلى من عليه الحق، لأن الحق لما كان نحوا من السلطنة على من عليه الحق فلا