ثم إنه وقع البحث في أن مورد هذه الأقوال هو ما إذا قصدا بالفعل التمليك، أو ما إذا قصدا به الإباحة. وبعضها مبني على الأول، وبعضها مبني على الثاني.
ينسب (1) إلى المشهور إفادة التعاطي الإباحة ولو قصدا به التمليك. وحيث إن هذا المعنى مناف ظاهرا لما هو المسلم عندهم من أن العقود تابعة للقصود وأن ما لم يقصد لا يقع، حمل المحقق الثاني الإباحة في كلامهم على الملك الجائز.
فقال: (مقصودهم من أنه لو قصد التمليك يفيد الإباحة أنه يفيد الملك الجائز) (2).
وحمل صاحب الجواهر مورد كلامهم في إفادته الإباحة على ما إذا قصد الإباحة (3)، وتعجب ممن جعل محل الكلام ما إذا قصد التمليك! ولا يخفى بعد هذين التوجهين.
أما الأول: فلأن حمل الإباحة على الملك الجائز خلاف الظاهر، مع أنه لا يقبل هذا الحمل جملة من عبارات الأساطين كعبارة الخلاف (4) ونحوها، فإن نفي البيعية وإثبات الإباحة لا يلائم القول بأن المقصود من الإباحة هو الملك الجائز.
وأما الثاني فأبعد وجها من الأول.
أما أولا: فلأنه لا يمكن أن يكون مورد قصد الإباحة محلا للنزاع في إفادته الإباحة أم لا، بل إفادة الإباحة في صورة قصدها من الأمور الواضحة.
وأما ثانيا: فلأن بعض عباراتهم صريح في أنه إذا قصدا التمليك تتحقق الإباحة: كعبارة الغنية (5) والسرائر (6).