هذا، مع أنه ليس فيه مناط التلف وما بحكمه، لأن المناط فيه هو كون العين معدومة أو في حكم المعدوم، كالماء الباقي على أعضاء الوضوء، والمسروق بالسرقة التي لا يعلم سارقها، ولا يعلم بقاء العين أو تلفها، أو الخيط الممتنع نزعه، أو المزج ونحو ذلك.
وتوهم أنه في حكم التلف لعدم إمكان رده أبدا فاسد، لإمكان تكذيب المقر له أولا للمقر وتصديقه الاقرار الثاني، وإمكان تصديق المشتري أو رده المبيع بفسخ أو إقالة، وإمكان الشراء منه، وهكذا يمكن رجوع الشاهدين عن الشهادة.
وبالجملة: ليس الاقرار الأول والبيع والشهادة إلا كالخروج عن يد الغارم بالأباق أو الغصب أو السرقة، مع العلم ببقاء العين على حالها، والعلم بمكانها، أو العلم بالسارق التي قد عرفت أن هذه جميعها من موارد بدل الحيلولة، فتدبر.
الثاني: المدار في بدل الحيلولة هو تعذر رد العين على الضامن، سواء أتمكن المالك من أخذ العين أم لا، لأن أخذ مال الغير يقتضي أن يكون عهدة المال على الآخذ، فإذا تلف فعليه القيمة، وإذا غصبه غاصب أو وقع في البحر فعليه بدل الحيلولة.
وتمكن المالك لا يرفع الضمان، وعلى هذا لو تعاقبت الأيدي على العين فتمكن المالك من أخذ العين من الثاني فلا يخرج اليد الأولى عن الضمان، فللمالك أن يرجع إلى الضامن الأول ويأخذ الغرامة منه، وأن يرجع إلى من كان العين في يده.
نعم، لو رجع إلى الثاني لا يجوز له الرجوع إلى الأول. ثم هل يجوز للغاصب الأول قبل دفع البدل إلى المالك الرجوع إلى الثاني مطلقا، أولا يجوز له مطلقا، أو فيه تفصيل؟ الأقوى هو التفصيل، لأن مع عجز الثاني عن رد العين إلى المالك وإلى الغاصب الأول لا وجه لرجوع الأول إليه، وأما مع تمكنه فقد يقال: بأنه لا يجوز للأول أيضا الرجوع إليه، لا بإلزامه بدفع البدل، لعدم استقرار البدل للغاصب الأول في عهدة الثاني قبل دفعه إلى المالك، ولا بإلزامه بدفع العين، لأنها