الحقوق. وسيجئ إن شاء الله في المعاطاة وفي أحكام الخيار ما يوضح الفرق بين البابين.
وكيف كان، فإذا كان الحق عبارة عن اعتبار خاص الذي أثره السلطنة الضعيفة على شئ ومرتبة ضعيفة من الملك فهو بجميع أقسامه وأنحائه قابل للإسقاط كما أفاده شيخنا السعيد الشهيد (1) وجعل هذا هو الضابط التام في الفرق بين الحق والحكم.
فما أفاده السيد قدس سره في حاشيته (2) على المتن - من تقسيم الحقوق أولا إلى ما يقبل الإسقاط وما لا يقبل، وجعل من الثاني حق الأبوة، وحق الولاية للحاكم، وحق الاستمتاع بالزوجة، وحق السبق في الرماية قبل تمام النضال، وحق الوصاية - لا وجه له، فإن كون الشئ حقا وغير قابل للإسقاط لا يعقل، وإطلاق الحق على ما ذكره من الأمثلة مثل: إطلاق الحق على سائر الأحكام كحق المؤمن على المؤمن، وحق الجار على الجار فإن الأبوة والولاية ونحوهما من الأمثلة ليس لعلاقة حاصلة للأب والحاكم، إذ لم يجعل للولي إضافة أثرها السلطنة على المولى عليه أو على ماله فلا يكون من مقولة الجدة، بل من الأحكام الشرعية كما هو قدس سره أيضا يحتمل هذا المعنى، حيث قال: ويمكن أن يقال: إنها أو جملة منها من الأحكام لا من الحقوق (3).
والعجب أنه قدس سره في صدر المسألة يعرف الحق: بأنه نوع من السلطنة، ومرتبة ضعيفة من الملك، بل نوع منه، وصاحبه مالك لشئ يكون أمره إليه! (4) ومع هذا يقسم الحقوق إلى ما يقبل الإسقاط وما لا يقبل، فإنه لو لم يقبل الإسقاط فكيف يكون له السلطنة؟ وكيف يكون زمام أمره بيده؟.
وبالجملة: قوام الحق بقابليته للإسقاط، وهذا بخلاف الحكم فإنه بعكس ذلك.