المصدر ووقعت الأجرة بإزاء الجهة المصدرية (1) فيجتمع الفعل القربى الذي به يتحقق ما وجب على المنوب عنه، مع أخذ الأجرة بإزاء إصدار هذا الفعل القربى.
وبعبارة أخرى: الفعل إذا اعتبر فيه المباشرة فمعناه أنه يجب أن تصدر هذه النتيجة من نفس الفاعل الذي تعلق به التكليف.
وأما إذا لم يعتبر فيه المباشرة فمعناه أن الجامع بين إيجاد غيره نائبا تبرعيا أو اجاريا وإيجاد نفسه متعلق للتكليف، فإذا كان الجامع متعلقا للتكليف ولم يجب على الغير الجهة الإصدارية (2) فله أن يؤجر نفسه بإزاء أجرة لتحصيل ما هو واجب على الغير، فلا بد أن يقصد في إيجاده نتيجة الفعل بفعله وقوعه عن الغير ليستحق الأجرة وليسقط عنه، فيترتب على فعله أمران متغايران:
أحدهما: وقوع متعلق الإجارة عنه، وهذا لا يعتبر فيه القربة، لأن إيجاده العمل من حيث فعل نفسه لا يعتبر فيه القربة.
وثانيهما: وقوع العمل عن الغير، لكونه فردا من أفراد الجامع، وبه يحصل فراغ ذمته، وبه يحصل التقرب له، وهذا معتبر فيه القربة، ولكنه للمنوب عنه لا للنائب.
ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور:
الأول: مقتضى ما ذكرنا من اعتبار الشرطين في الإجارة عدم صحة إجارة من اشتغلت ذمته بعمل في وقت خاص لهذا العمل ولغيره. فمن وجب عليه حجة الاسلام أو المنذورة المضيقة أو الحجة المستأجرة بالمباشرة لا يصح أن يصير أجيرا لغيره في هذه السنة، لا من باب أن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن الضد كما في العروة، (3) بل لأن العمل خارج عن ملكه إما بالوجوب الشرعي، أو النذري، أو لكونه أجيرا لغيره.