الثاني: وقوع الإثم من الغير بحيث لو لم يتحقق الإثم لم يكن الإيجاد حراما من جهة صدق الإعانة وإن حرم من جهة قصد الإعانة بناء على ما اختاره من أن قصد المعصية بنفسه من المعاصي.
وقد يقال (1): بكفاية نفس قصد تحقق الإثم من الغير وإن لم يقع الإثم.
وقد يقال: لا يعتبر القصد إذا تحقق الإثم (2).
وقد يقال (3): بعدم اعتبار تحقق الإثم ولا القصد، بل نفس بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا حرام وإن لم يعمله خمرا، ولا قصد البائع ببيعه وقوع الحرام من المشتري.
والحق أن يقال: إن الفعل الواقع من شخص تارة يقع في سلسلة علل فعل فاعل الإثم، وأخرى لا يكون كذلك وإن لم يمكن أن يصدر الإثم بدونه، بل كان من المبادئ البعيدة، وذلك كتجارة التاجر التي لولاها لم يمكن للعشار أن يأخذ عشرها، وهذا في الحقيقة خارج عن المبادئ أيضا، فإن المبادئ هي التي تتحقق بعد الإرادة التقديرية من المريد، وهذا بمنزلة الموضوع لتحقق الإرادة التقديرية، فإنه لولا تجارة التاجر وغرس الكرم من الزارع لم يمكن حصول العشار والخمار، فبعد تحققهما لو كان أحد خبيث النفس يصير عشارا أو مخمرا.
وبالجملة: لو لم يكن في العالم ما يمكن أن يجعل خمرا لم يمكن للخمار أن تحصل له إرادة تقديرية على تخمير العنب، أي: إرادته التخمير على تقدير اشتراء العنب وتهيئة سائر المقدمات حاصلة في ظرف وجود العنب.
وكيف كان، سواء كانت هذه من المبادئ أولا فهذه خارجة عن موضوع البحث إذا كان قصد التاجر التجارة لتحصيل أغراضه النفسانية، وقصد الغارس