وما أجاب بعض المحققين (1) عن هذا: من أن المنشأ بنظر العاقد لا يتخلف عن زمان إنشائه، والتخلف عند الشارع لا يضر بالكشف فإن المجيز يمضي ما أوجده العاقد، وعقده وإن لم يدل على الإيجاد في زمان التلفظ ولكن مقتضى وقوع الإنشاء في ذاك الزمان وتحقق المنشأ بنظره لتحقق كل اسم مصدر بإيجاد المصدر وقوع المنشأ في زمان الإنشاء، فإذا أمضى المجيز ما أوجده العاقد فينفذ من ذاك الزمان غير مفيد، لأن الأمور الاعتبارية تحققها باعتبار من بيده الاعتبار، فتحقق المنشأ بنظر المنشئ لا أثر له بعد دخل الرضا فيه شرعا، فيكون الإجازة كالقبول وكالقبض في الصرف والسلم والهبة.
ثم لا يخفى أنه إذا ثبت كون الإجازة ناقلة صح تنظيره بالقبض والقبول، وأما في مقام إثبات ذلك فلا يصح القياس عليهما.
فما أفاده المصنف في قوله: ولذلك كان الحكم بتحقق الملك بعد القبول... إلى آخره، لم يقع في محله، لأن القبول والقبض هما بأنفسهما من أركان العقد ومتمماته ولا يجري نزاع الكشف والنقل فيهما، وهذا بخلاف الإجازة فإنها مما به يرفع توقيفية العقد عن تأثير ما اقتضاه.
وكيف كان فالأقوى هو النقل بمقتضى الأصل الأولي.
الثالث: بعد ما ظهر أن مقتضى القاعدة الأولية هو النقل فهل الكشف الحكمي الثابت في الفضولي تعبدا ثابت في المقام أيضا أو لا؟ وجهان، والأقوى هو الأول، لأن من نفس الأخبار الواردة في الفضولي يظهر أنه لا خصوصية لإجازة المالك عقد الفضولي، بل كل ذي حق له أن ينفذ العقد الواقع على متعلق حقه، فعلى هذا حكم الرضا المتأخر في المقام حكم الإجازة في العقد الفضولي من حيث الأصل الأولي والثانوي.
بقي هنا أمران:
الأول: أنه لا وجه لاستفادة حكم الرضا في المقام من حكم فسخ ذي