الضامن بحيث إنه لو وجد المثل بعد المطالبة وقبل الأداء لا يجب عليه رده، أم لا تسقط إلا بالأداء لا بالإسقاط، وليست كالدين قابلة للإسقاط؟ وجهان، والأقوى عدم سقوطها بالإسقاط لأنها لم يتعلق بها ضمان مستقل، بل هي تابعة للعين ومن الكيفيات، وإبراؤها بإبراء منعوتها، فمجرد مطالبة المالك مالية العين لا يوجب سقوط المثل عن ذمة الضامن.
نعم، بعد أداء القيمة يسقط حقه عن المثل ولو وجد بعده، لأن الأداء بما جعله المالك مصداقا لوفاء حقه صار مصداقا له، فلا ينقلب ثانيا عما وقع عليه، وهذا الكلام يجري في القرض والبيع ومال الصلح، وكل كلي تعلق بالذمة فإنه بأحد مصاديقه أو بأداء غيره في مقام الوفاء يسقط ما في الذمة.
والفرق بين الأداء بمصداقه وبغيره أنه لو أداه بغيره يحتسب مقدار ماليته، أي لو تجاوز عن خصوصية الحنطة ورضي بالدهن يحسب الدهن بمقدار قيمة الحنطة، وأما لو أخذ حنطة أخرى من هذا الصنف فيؤخذ بمقدار نفس المضمون.
وبالجملة: للمالك الرضا بالفاقد، ولكنه لو لم يؤده الضامن بقي المثل بخصوصياته تحت الضمان، فإن الرضا لا يوجب الانقلاب، وإنما يوجبه الأداء، لما ثبت في باب القرض أن ما رضي به المالك أداء لماله يتحقق به الأداء.
إذا عرفت ذلك ظهر أن القول الموافق للتحقيق هو عدم انقلاب المثل، ولا العين التالفة، ولا القدر المشترك بينهما إلى القيمة، بل يبقى المثل في الذمة إلى أوان الفراغ منه بدفع القيمة، من غير فرق بين التعذر الطارئ والتعذر الابتدائي، فإن بعد فرض كون العين مثلية لا فرق بينهما، فالانقلاب إلى القيمة لا وجه له، فالأقوال الأربعة والخمسة في القيميات لا تتطرق في المقام، لأنها من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع.
نعم، بناء على الانقلاب فالتعذر الابتدائي موجب لانقلاب العين إلى القيمة، وهذا بخلاف التعذر الطارئ، فإنه يمكن أن يقال بانقلاب المثل إلى القيمة، ووجهه ظاهر، وهو أن تلف العين صار موجبا لتعلق الضمان بالمثل، فإذا تعذر