وغرضه من الحسنة قوله عليه السلام: (أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟) (1). ولا يخفى ما فيه:
أما أولا: فلأن القاعدتين حاكمتان على الأحكام الثابتة، ولا يمكن إثبات الحكم بهما كما أشرنا إليه وظهر في محله (2).
وأما ثانيا: فلأنه لو كان المدار في الجواز على استحقاق الأخذ لكونه مصرفا لما أعد لمصالح المسلمين فيجب الاقتصار على مثله، وموضوع البحث جواز الأخذ مجانا أو بالمعاملة لمطلق الشيعة.
وأما ثالثا: فلأنه لو كان المدار على الخراج والاستحقاق فلا وجه لإخراج من لا يكون له سلطنة عامة مستقلة: كالسلطان الذي تحت سطوة سلطان آخر ومن خرج على السلطان وتسلط على قرية أو بلدة، فالأولى التمسك بإطلاق الأخبار، وكون المناط في الحلية هو: إذن من له الأمر عليه السلام لمطلق شيعتهم.
نعم، لو ادعي انصراف الأخبار إلى الجائر الذي يرى نفسه مستحقا فله وجه، فمقتضى الاحتياط عدم جواز الأخذ ممن لا يرى نفسه مستحقا للخلافة، أو كانت سلطنته باستظهار غير المسلم.
وبالجملة: لا يمكن الجزم بالتعميم وإن كانت الأخبار مطلقة، فتدبر.
السادسة: قد ظهر مما ذكرنا: أن موضوع البحث هو ما كان فيئا للمسلمين ويصرف في مصالحهم بضميمة الزكوات وجزية الرؤوس، فإن الزكاة وإن كان لها مصرف خاص ولا تدخل في مصالح المسلمين إلا بعض مصارفها، إلا أن مقتضى النصوص دخولها في الخراج والمقاسمة حكما، وهذا لا إشكال فيه، إنما الكلام في أنه هل للخراج حد معين بحيث لو زاد أو نقص منه لا يدخل تحت العنوان، أو لا حد له؟.