عليه لكان مجرد احتماله منشأ للشك في جواز الرجوع، والمتيقن غير هذه الصورة.
وأما على القول بالإباحة فقد يقال: إن إباحة الدين على من هو عليه لا يستلزم السقوط، لأن كون الدين مباحا لمن عليه الدين معناه أنه يجوز له التصرفات فيه بإسقاطه عما في ذمته والمصالحة عليه، وسائر أنحاء التصرفات الجائزة على القول بالإباحة، فيرجع مالك ما في الذمة إلى ملكه الذي أباحه لمن عليه، لعموم (الناس مسلطون) (1)، وسائر الأدلة.
ولكنه لا يخفى ما في هذا التقريب، لأن الإباحة التي هي محل البحث في باب المعاطاة ليست بالمعنى الذي حملها عليه صاحب الجواهر (2) قدس سره: من أن إفادة المعاطاة الإباحة إنما هو فيما إذا كان قصد المتعاطيين الإباحة، بل المراد منها التسليط المالكي على التقريب المتقدم، فإذا أوجدا مصداق التسليط فلا فرق بينه وبين الملك، فكما أنه لا يعقل أن يتملك الانسان ما في ذمته فكذلك لا يمكن أن يكون مسلطا عليه، فنتيجة التسليط أيضا: السقوط، والتلف والتالف لا يعود.
قوله قدس سره: (ولو نقل العينين أو إحداهما بعقد لازم فهو كالتلف... إلى آخره).
أقول: التصرفات الواقعة من أحد المتعاطيين إما أن لا تتوقف على الملك، وإما أن تتوقف عليه، وهذا على قسمين:
قسم من التصرفات الخارجية كالوطئ.
وقسم من التصرفات في عالم الاعتبار. وهذا أيضا على قسمين:
قسم من العقود المعاوضية وشبهها كالبيع والرهن.
وقسم من الإيقاعات، أو عقد غير معاوضي كالعتق والهبة.
والعقود المعاوضية تارة تقع على الأعيان كالبيع ونحوه، وأخرى على المنافع: كالإجارة.