المستأجر لا يصحح الإجارة، فإن الانتفاع أمر آخر يعتبر في كل معاملة، وحاصله أن لا تكون المعاملة سفهية.
ثم إنه قد ينتفي كلا الشرطين كصوم شهر رمضان أو الحج في سنة الاستطاعة ممن يجب عليه بالمباشرة، فإن الأجير ليس مالكا لعمله، والمستأجر أيضا لا يملك عمل غيره.
إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تعيين الصغرى في ضمن مباحث:
المبحث الأول المحرمات بأجمعها لا يمكن الإجارة عليها، لانتفاء الشرط الأول، من غير فرق بين ما جرت العادة بجعل الأجرة والجعل عليه كالتصوير ونحوه، أو لم تجر كالكذب ونحوه، فلا يجوز لشاهد الزور أخذ الأجرة على شهادته، لخروج عمله عن تحت سلطنته لنهي الشارع فلا يقدر على فعله، فأخذه الأجرة أكل للمال بالباطل، ومصداق ل (وهب الأمير ما لا يملك).
الثاني الواجبات النظامية كلها يجوز أخذ الأجرة عليها ما عدا القضاء، سواء كانت كفائية أو عينية، تعيينية كانت أو تخييرية. ونحن استوفينا البحث عنها في كتاب القضاء (1)، والغرض في المقام محض الإشارة إليه.
ووجه ذلك حصول كلا الشرطين، فإن الأجير مالك لعمله، والمستأجر يمكن الحصول له. أما الثاني: فواضح.
وأما الأول فلأن الواجب على الأجير هو بذل عمله، أي تعلق التكليف أو الوضع بالمعنى المصدري، لا بنتيجة عمله التي هي المعنى الاسم المصدري، فإن الطبيب وإن وجب عليه الطبابة عينا إلا أنه مالك لعمله، والأجرة