التلف، بمعنى أن القائل بيوم التلف لا يقول بانتقال العين في يوم التلف إلى القيمة حتى لا يصح المصالحة عليها، بل يلتزم ببقاء المال غير متقدر بالقيمة إلى يوم الدفع، ولكن يوم الدفع إذا قدر بالقيمة يقدر بقيمة يوم التلف، للأدلة الدالة على تعيين قيمة ذاك اليوم. ونظير ذلك: اجتماع الضمان يوم المخالفة مع بقاء العين في ذاك اليوم، فإن معنى كون المدار على يوم المخالفة ليس بمعنى انتقال العين إلى القيمة في ذاك اليوم، ولا بمعنى اجتماع ضمان العين والقيمة معا، بل معناه أن يوم التلف يقوم بقيمة يوم المخالفة.
نعم، مقتضى ذلك أن يكون القول قول المالك عند الاختلاف، سواء قلنا بقيمة يوم المخالفة أو يوم التلف، ولا يختص بما إذا قلنا بقيمة يوم الدفع، لأن الشك بناء على كون العين بماليتها الغير المتقدرة في الذمة يرجع إلى الشك في الخروج عن العهدة، لا إلى الشك في الاشتغال، فإن رجوع الشك إليه إنما يصح بناء على الانتقال إلى القيمة.
الثاني: قد تقدم: أن تلف الوصف أيضا كتلف العين موجب للضمان، وهذا من غير فرق بين الأوصاف الخارجية كوصف الصحة والكتابة والسمن ونحو ذلك، والأوصاف الاعتبارية ككون الشئ في زمان كذا أو مكان كذا، فإنه مما يزيد في مالية المال، وليس كتفاوت الرغبات وقلة المال، أي فرق بين نقصان القيمة السوقية ونقص القيمة الحاصل باختلاف الزمان والبلاد، فلو رد العين في غير هذا الزمان أو المكان وجب تدارك نقص قيمتها، وبناء عليه يجب رد النقص الخاص، لا رد قيمة آخر الأزمنة أو الأمكنة الذي يخرج العين فيه عن القيمة، لأنه لو كان للزمان أو المكان خصوصية فلا وجه لتدارك قيمة قبيل خروج العين عن المالية، فلو نقل الماء عن مفازة الحجاز إلى محل آخر للماء قيمة فيه أيضا وجب تدارك النقص.
نعم، نقصان القيمة السوقية بناء على القول بوجوب تداركه مختص بما إذا تلف العين لا مطلقا. وذكرنا أن هذا ينافي القول باعتبار الأعلى، لأن القول به