المالك بعوض معين فكل من أقدم على إعطاء العوض فهو مسلط على المعوض فإنه لا يعتبر في حقيقة التسليط تعيين المباح له كما في نثار العرس، ولا الموالاة بين الايجاب والقبول، فهذا لو كان داخلا في عنوان العقود فيدل على صحتها عموم ﴿أوفوا بالعقود﴾ (1)، ولو لم يكن داخلا فيكفي في صحتها السيرة الجارية بين المتدينين.
نعم، لا بد من الاكتفاء بما هو المتيقن من جريان سيرة المتدينين عليه، وهو المعاملة التي لا تحتاج إلى المساومة، بل كانت قيمة العين معينة في الخارج بحيث كان الصبي آلة صرفة وواسطة في الإيصال.
قوله قدس سره: (مسألة: ومن جملة شرائط المتعاقدين: قصدهما لمدلول العقد...).
توضيح هذه المسألة يقع في طي مباحث:
الأول: أن بعض الجمل مختص بالإنشاء كصيغة الأمر والنهي فإن مفادهما:
إيقاع النسبة بين الفاعل والمادة تشريعا، أو سلبها عنه كذلك.
وبعبارة أخرى: مفاد الأمر: البعث نحو المطلوب تشريعا، ومفاد النهي: الزجر عنه كذلك، وهذان المعنيان متمحضان في الانشائية، وبعض الجمل مختص بالإخبار كالجملة التي كان محمولها أمرا خارجيا: كقوله: زيد قائم. وبعضها مشترك بين الأمرين: كالفعل الماضي والمضارع.
والجمل الاسمية التي يكون محمولها قابلا لأن يوجد بالإنشاء فالفعل الماضي يصح أن ينشأ بها عناوين العقود، والفعل المضارع يصح أن ينشأ بها الأحكام.
والسر في اختصاص كل واحد بباب هو: أن الفعل الماضي للنسبة التحقيقية، والفعل المضارع للنسبة التلبسية، فالماضي أمس بإيجاد عناوين العقود به، والمضارع أمس بتشريع الأحكام به، فإن إيجاد عنوان العقد لا يناسبه التلبس، وإيجاب متعلقات الأحكام لا يناسبه التحقيق. وأما الجمل الأسمية فكاسم الفاعل