وبعبارة أخرى: الأثر الثابت للجزء في المقام أثر قهري عقلي نشأ من دليل الرفع، وإلا كان العقد سببا مستقلا والناشئ منه لا يمكن أن يرتفع به.
والثاني: أن يكون حديث الرفع مقيد آخر للمطلقات غير أدلة الرضا كما توهمه المحقق الطباطبائي (1).
وحاصل هذا الوجه أن يكون نتيجة المطلقات بعد تقييدها بقوله عز من قائل:
(إلا أن تكون تجارة عن تراض) صحة العقد المرضي به، سبقه الرضا أو لحقه، فالعقد أيضا جزء السبب. ونتيجة حكومة حديث الرفع اعتبار الرضا السابق.
وفيه: أن أدلة المقيدات سواء أكانت بلسان الحكومة كما في حديث الرفع، أم بلسان التخصيص كما في آية التجارة كلها بمساق واحد وفي عرض الآخر توجب تقييد المطلقات، ولا وجه لتقييدها أولا بطائفة ثم تقييد المقيد بطائفة أخرى. وليس الاكراه عنوانا مستقلا غير خلو عقد المكره عن الطيب والرضا.
وما توهمه (2) من أن عقد المكره واجد لجميع الشرائط حتى الرضا في المرتبة الثانية، وأن البطلان نشأ من جهة أخبار الاكراه. ففيه ما لا يخفى من الفرق بين عقد المكره وعقد من اضطر إليه لقوت عياله ونفقة من يجب عليه إنفاقه، فإن المكره غير راض بما ينشئه، ولا يشكر الله سبحانه، بخلاف المضطر فإنه يثني على الله - جلت آلاؤه - بإعطائه إياه ما ينفق به عياله، فتأمل جيدا كي لا يختلط عليك الأمر.
وبالجملة: جميع هذه الأدلة تدل على اعتبار الرضا، سواء كان سابقا أو لاحقا، فالعقد المقيد بالرضا لا يمكن أن يلحقه الاكراه، وقبل لحوق الرضا له ليس له أثر يقبل أن يرتفع بالاكراه. هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
الثاني: أن الرضا المتأخر كاشف أو ناقل؟ وتنقيحه يتم برسم أمور:
الأول: في بيان الفرق بين الشروط المتأخرة التي تصلح لأن تكون كاشفة أو