أما الأدلة العامة فكقوله عز من قائل: ﴿إلا أن تكون تجارة عن تراض﴾ (1) وقوله عليه السلام: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه) (2)، وقوله صلى الله عليه وآله: (رفع ما أكرهوا عليه) (3) فإن الاكراه على إرادة المعاملة يخرجها عن التجارة الناشئة عن الرضا بها، وعن طيب النفس، فإن المكره وإن كان راضيا بالفعل بمعنى أنه يصدر عنه بالاختيار إلا أنه غير راض بحاصل فعله وبإرادته للفعل الذي يترتب عليه الأثر فلم تصدر التجارة عن رضا.
وأما حديث الرفع فبناء على ما بينا مفاده في الأصول (4) من أن الرفع رفع تشريعي ولا يحتاج إلى التقدير فدلالته على المقصود واضحة، ولا يتوقف التمسك به على ضم استشهاد (5) الإمام عليه السلام به على رفع أثر الحلف بالطلاق إذا كان الحالف مكرها، لما بينا من دلالته بنفسه مع قطع النظر عن الخارج.
وعلى أي حال، المناقشة في الاستشهاد بحمل نفس الاستشهاد على التقية غير صحيحة، لأن الظاهر أن الإمام عليه السلام في استشهاده بحديث الرفع بين الحكم الواقعي وإنما اتقى في تطبيق الحديث على المورد، ففي بيان الكبرى لا تقية، فيدل الحديث على رفع الآثار الوضعية: كرفع الآثار التكليفية في حال الاكراه.
ونظير المقام ما ورد عن الصادق عليه السلام في قوله: (ذاك إلى الإمام إن صمت صمنا، وإن أفطرت أفطرنا) (6)، فإن الظاهر من هذا الحديث أنه عليه السلام لم يتق في ثبوت الهلال بحكم إمام المسلمين، بل في تطبيق الإمامة على المنصور الذي أمر الإمام عليه السلام بإفطار آخر يوم الصيام.