والتعبدي مثلا: لو استأجره للجهاد وقلنا بعدم اعتبار قصد التقرب من المجاهد فلو جاهد الأجير لا عن المستأجر بل بلا عنوان لا يقع منه فلم يمتثل الأمر الأجاري، بل يقع عمله إما لغوا أو عن نفسه.
ويظهر توضيح ذلك بملاحظة حال المتبرع، فإنه إذا قصد الأمر المتوجه إلى المتبرع عنه يقع عن المنوب عنه، ولا إشكال في أن التبرع منه مستحب، مع أن الأمر المتوجه إلى المنوب عنه قد يكون واجبا، ولا يقع داعي المتبرع في سلسلة داعي المنوب عنه، ولا ربط لأحدهما بالآخر، فإن داعي المتبرع عنه هو أمر الله سبحانه المتوجه إليه إما ببدنه، أو ببدنه التنزيلي، وداعي المتبرع هو تنزيل نفسه منزلة غيره ونيابته عنه.
والتعبير بالتنزيل إنما هو لتقريب المطلب وتوضيحه، وإلا فما هو المعتبر في تفريغ ذمة الغير ليس إلا نيابته عنه، فإذا صح نيابته عنه تبرعا ولم يتعلق الأمر التبرعي بما تعلق به الأمر العبادي فيصح أخذ الأجرة بإزاء قصد الغاية في العمل، لأن الأجرة لم تقع بإزاء العمل القربى، لأن التقرب يحصل للمنوب عنه، ولا يعتبر في النيابة أصلا، فداعيه إلى النيابة إذا كان الأجرة وأتى بالعمل القربى للمنوب عنه فيحصل من عمله أمران: أحدهما: تفريغ ذمة المنوب عنه، وثانيهما: نيابته عنه.
والعمل الخارجي وإن كان مجمع العنوانين إلا أن أحدهما في طول الآخر.
ولا شبهة أن نيابته عنه متقدم في الرتبة على حصول فراغ الذمة والتقرب للمنوب عنه، فيترتب على فعله أثران أحدهما في طول الآخر، ولا إشكال في ذلك أصلا.
وبالجملة: ما هو مناط العبادية لم تقع الأجرة بإزائه، بل وقعت الأجرة بإزاء مالكية المنوب عنه العمل من الأجير، وإيقاع العمل عنه الذي هو قوام النيابة من قبيل عناوين الأفعال التي تتحقق بقصدها في العمل كعنوان التعظيم، وعنوان الظهرية والعصرية.
ولا شبهة أن عنوان العمل لا يدخل في سلسلة الداعي، فإن الداعي هو معلول الفعل الذي يوجد العامل العمل لأجل ترتبه عليه. فإن كانت الأجرة واقعة بإزاء