نعم، لو كان مراده قدس سره من الميت هو الذي قطع أحد أعضائه بعد الموت ومن الذي ينعتق عليه أقرباؤه هو الذي لا يملكهم - كما قيل (1) بعدم حصول الملك لمشتري القريب نظرا إلى بعض الأخبار (2) الدالة على (أن العمودين لا يملكان) - لكان الفرق بين هذين المثالين وتصرف الواهب بالبيع ونحوه بينا، فإن نفوذ بيع الواهب كاشف عن كون المبيع ملكا له. وأما الميت فلا يملك إلا حكما.
كما أن الانعتاق على المشتري ليس إلا تعبدا، جزاء لكونه بصدد شراء أقربائه، وعلى هذا، تسويته قدس سره بين الميت والمنعتق عليه أقرباؤه لا يصح، لأن الميت يملك ديته حكما، والمنعتق عليه لا يملك رأسا.
كما أنه لا يصح كلامه لو كان مراده من الميت الذي قطع أعضاؤه بعد الموت، ومن المشتري من ينعتق عليه ما ملكه بالشراء كما في بعض الأخبار (3) الدالة على (أنهما يملكان فينعتقان) بلحاظ الفاء الدال على الترتب، لأنه لا جامع بينهما، فإن الملك للمشتري ملك حقيقي، غاية الأمر جعله الشارع علة لزواله في المرتبة المتأخرة، أو جعل الشراء سببا لأمرين: الملكية والانعتاق.
وأما ملك الميت للدية فهو ملك حكمي دل عليه الدليل، وإنما النزاع في تقديره من زمان الموت حتى يرث منه كل وارث حينه، أو من زمان ورود القطع.
وهكذا النزاع في ملك الميت للصيد الواقع في الشبكة التي نصبها حال حياته إنما هو في أن الوارث حين النصب يرث وحين الاصطياد.
قوله قدس سره: (فلم يبق إلا الحكم ببطلان الإذن في بيع ماله لغيره... إلى آخره).
قد تقدم: أن الإذن بنفسه ليس مشرعا، فنفوذه لجواز تصرف المأذون إنما هو فيما ثبت للأذن شرعا.