أولها: ما لا يعتبر فيه قصد التقرب، وهذا المعنى عام يشمل ما يتوقف على الإنشاء، وما لا يتوقف.
وثانيها: خصوص باب العقود، أي ما يكون قوامه بإنشاء طرفين.
وثالثها: المتوسط بين الأولين، أي ما يحصل بالإنشاء، سواء كان بين الطرفين: كالعقود، أو لا كالايقاعات.
ثم إنه قد يشك في كون شئ عقدا أو إيقاعا. وسيجئ تفصيل ذلك - إن شاء الله - في محله.
وكيف كان، فالقسم الثاني من مسائل الفقه هو الذي يتوقف على إنشاء الطرفين ويسمى بالعقد.
والعقود على أقسام ثلاثة: عقود إذنية، وعهدية، وهي على قسمين: تعليقية وتنجيزية.
أما الإذنية: فهي عقود باصطلاح الفقهاء، لا بالمعنى اللغوي والعرفي، لأن معنى العقد لغة (١) وعرفا هو العهد المؤكد، وما يكون فيه إلزام والتزام، وأما العقود الإذنية فتسمى عقودا، لأنها ترتبط بشخصين، لا أن فيها عهدا وعقدا. فقوله عز من قائل: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (2) لا يشمل هذه العقود، لخروجها عنه تخصصا.
وبالجملة: ما كان قوامه بالإذن ومجرد رضاء ولي الأمر ومالكه لا يكون فيه عهد والتزام، وهذه كالوديعة والعارية، بناء على أن يكون مفادها الإباحة المجانية.
وأما بناء على كونها مفيدة للتمليك المجاني فتدخل في العهدية. وكالوكالة على أحد القسمين فيها، فإنها بنوعها وإن كانت تفيد إباحة التصرف للوكيل إلا أن قسما منها عهدي، وهو الذي يتوقف على الإيجاب والقبول مع شرائط خاصة مذكورة في محله.
ومن أحكام هذا القسم: أنه لو تصرف الوكيل بشرائط التصرف ولم يعلم بعزل الموكل لا يبطل تصرفه.