قوله قدس سره: (مقدمة في خصوص ألفاظ عقد البيع... إلى آخره).
توضيح ما أفاده قدس سره في هذا العنوان وما يرد عليه يتم برسم أمور:
الأول: قد عرفت في بحث المعاطاة: أن عدم إفادتها اللزوم على مسلكين:
أحدهما: عدم كون الفعل مطلقا مصداقا لعناوين العقود، فيكون قاصرا عن إفادة التمليك فضلا عن اللزوم، ولذا قيل بإفادتها الإباحة.
وثانيهما: الاجماع على اعتبار اللفظ في اللزوم مع صدق عنوان العقد على الفعل، وإفادته الإلزام والالتزام مثل القول، فلو قلنا بالأول فما شك في اعتباره:
فيه فالأصل اعتباره لأصالة الفساد، لأنه لو منعنا عن صدق العقد وعنوان أبواب المعاملات عليه فلا دليل على صحته إلا ما قامت السيرة عليه، فلو شك في كونه موردا للسيرة فأصالة عدم ترتب الأثر عليه هي المرجع، ولو قلنا بالثاني فالأصل عدم اعتباره، لصدق عنوان العقد.
وعلى هذا فلا وجه لما أفاده المصنف من أن الأصل يقتضي كفاية إشارة الأخرس في مورد العجز عن التوكيل، لا في مورد القدرة عليه (1)، لأنه قدس سره اعتبر اللفظ في اللزوم من جهة الاجماع، لا من جهة عدم صدق البيع على الفعل، فإذا سلم صدق العنوان فالأصل يقتضي عدم الاشتراط بالعجز.
وبعبارة أخرى: أصالة الفساد إنما تجري في مقابل الشك في أصل الصحة والفساد، لا بعد إحراز الصحة والشك في اللزوم وعدمه.
وكيف كان، فسواء قلنا: بأن الفعل ليس مصداقا لعنوان العقود أو قلنا بأنه مصداق - ولكنما الاجماع قام على اعتبار اللفظ في اللزوم - فالإشارة من الأخرس تقوم مقام اللفظ وإن لم يقم معاطاته، أي أخذه وإعطاؤه مقام اللفظ كما سيظهر وجهه، وذلك لأن إشارة الأخرس وإن كانت فعلا من أفعاله إلا أن قصور الفعل عن كونه إيجادا لعنوان العقد إنما هو في غير إشارته، فإن إشارته لا تقصر عن قول غيره، لا سيما من يفهم مقاصده الكلية والأمور الغير المحسوسة