فعل المتبرع فكيف يكون فعل النائب فعل المنوب عنه؟ وكيف يقصد المتبرع القربة الكافية من المنوب عنه؟
ومجرد كون داعي العامل أمر المستأجر لا يجعل فعله مسببا توليديا، فإن المسبب التوليدي هو الذي لا يكون بين فعل الفاعل والأثر المترتب عليه واسطة اختيارية.
نعم، قد يطلق المسبب التوليدي على البناء لأمر غيره به كقولهم: (فتح الأمير البلد) ولكن هذا الاطلاق بالعناية وخارج عن باب المسبب التوليدي، ولا يمكن أن يتعلق تكليف بالجامع بين فعله وفعل غيره، بل ليس الجامع فيما لا يعتبر فيه المباشرة إلا الأعم من الفعل بنفسه أو الاستنابة، والقربة في الاستنابة غير تقرب النائب، وفي باب العبادات تعتبر في نفس عمل العامل، ولا يقاس المقام بوقف المسجد في عدم اعتبار قصد التقرب من البناء، لأنه لم يقم دليل على اعتبار القربة إلا من الواقف والواقف حيث إنه يملك هذه الهيئة الحاصلة من عمل البناء، كما أنه يملك الجص والأجر فيوقف هذه الهيئة مع موادها قربة إلى الله. ولو فرض اعتبار القربة في عمل البناء لما كانت القربة الحاصلة للأمر في أمره بالبناء كافية لعمل البناء.
فالصواب في الجواب: هو ما أفاده شيخنا الأنصاري قدس سره (1) وحاصله: أن متعلق عقد الإجارة غير متعلق الأمر العبادي، فإن الأمر العبادي متوجه إلى المنوب عنه، والأمر الأجاري إلى النائب، ولا يتحد متعلقهما وإن اجتمع العنوانان في الخارج في مصداق واحد، ولا تقع الأجرة في سلسلة داعي المنوب عنه أصلا، وإنما تقع الأجرة بإزاء قصد النائب النيابة في عمله، بحيث لو قصد النائب إتيان العمل للأجرة أو قصد إتيان العمل بداعي أمره سبحانه بإزاء الأجرة يقع عمله باطلا، ولا يقع للمنوب عنه، بل لم يأت بما تعلق الإجارة به، لأن الإجارة الحاصلة بينهما وقعت بأن يأتي العامل العمل للمنوب عنه، وهذا من غير فرق بين التوصلي