موضوعا لحكم البالغ العاقل؟
وبالجملة: ظهور الحديث في كون عبارته كالعدم بقرينة جعله رديفا للمجنون والنائم مما لا ينبغي المناقشة فيه.
وأما الثالثة فدلالتها على أن أفعاله القصدية كالفعل الصادر عن غيره بلا قصد واضحة.
نعم، يمكن دعوى ورودها في مورد خاص، وهو باب الديات، أو عمومها للكفارات أيضا، وعدم شمولها لجميع أفعاله كالعقود والايقاعات، وذلك لأن الخطأ والعمد لم يؤخذا موضوعا لحكم إلا في الجنايات والكفارات الواجبة على المحرم، فإن في تلك المسألتين قوبل العمد مع الخطأ، وأما في غيرهما فالحكم:
إما مترتب على ذات الفعل وهو الغالب، أو على خصوص العمد، أو خصوص الخطأ، أو ما هو مرادف لهما من القصد والاختيار، أو السهو والنسيان والاضطرار.
ويشهد لذلك تذييل بعضها بقوله عليه السلام: (تحمله العاقلة) (1) فإن تحمل العاقلة إنما هو الدية في الجنايات.
ولكن يمكن الجواب عن هذا الإشكال بأن تذييل بعضها بقوله: (تحمله العاقلة) لا يوجب حمل الأخبار المطلقة على باب الجنايات، هذا مضافا إلى ما ورد في رواية أبي البختري عن علي عليه السلام أنه كان يقول: (المجنون والمعتوه الذي لا يفيق والصبي الذي لم يبلغ عمدهما خطأ تحمله العاقلة، وقد رفع عنهما القلم) (2)، فإن قوله عليه السلام: (وقد رفع عنهما القلم) بمنزلة العلة، لقوله عليه السلام: (عمدهما خطأ)، ومقتضاه أن الأفعال التي تترتب عليها الآثار إذا صدرت عن قصد من غير الصبي والمجنون إذا صدرت عنهما فكالصادرة عن غيرهما بلا قصد، لأن قلم