ورابعها: قصد وقوع المضمون عن العاقد في مقابل وقوعه عن غيره كبعض أقسام عقد الفضولي. ولا يخفى أن اعتبار القصدين الأخيرين إنما هو لأمر تعبدي، لا لتحقق مفهوم العقدية، فإن عقد المكره والفضولي من حيث جهة العقدية لا يقصر عن غيره. فما أفاده في المسالك (1) من أنهما قاصدان إلى اللفظ دون مدلوله لا وجه له، لأنهما قاصدان للمدلول أيضا، وإنما الفرق أن قصد وقوع مضمون العقد في المكره ليس عن داع اختياري وقصد نفساني، بل عن وعيد المكره - بالكسر - مع عدم إمكان التورية، أو مطلقا على ما سيجئ. وفي الفضولي هذا المعنى أيضا موجود، وإنما المفقود قصد وقوع المضمون عن نفسه. وعلى هذا فقياس المكره على الفضولي أيضا لا وجه له، لأنهما ليسا في وزان واحد.
المبحث الثاني: في اعتبار قصد المالكين وعدمه وتوضيحه يتم برسم أمور:
الأول: لا شبهة أن تعيين العوضين في العقود التمليكية كتعيين الزوجين في النكاح.
الثاني: أن مقتضى المعاوضة والمبادلة دخول كل من العوضين في ملك مالك الآخر.
الثالث: بعد تحقق المعاوضة تعقيبها بما ينافيها لا يوجب بطلانها، بل يقع لغوا.
وبرهان الجميع واضح.
أما اعتبار تعيين العوضين من حيث الجنس والمقدار في العقود المعاوضية فلأن عيش بني آدم يتوقف على تبديل الأموال، ولا يتم ذلك إلا بتعيين ما يقع المال بإزائه من حيث الجنس والمقدار، فإن المال يقع بإزاء الصور النوعية لا