ففي الأول: (وكل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته (1).
وفي الثاني: (اعلم رحمك الله: أن كل مأمور به على العباد وقوام لهم في أمورهم من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره - مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون - فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته (2).
وفي الثالث: (أن الحلال من البيوع كل ما كان حلالا من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس ويباح لهم الانتفاع (3).
ولا يعارض ذلك النبوي: (إذا حرم الله شيئا حرم ثمنه (4)، لأنه بعد ما أحرزنا جواز الانتفاع بالشئ ولو بالاستصحاب فلا يدخل تحت ما حرمه الله، بل يمكن استفادة الجواز من الأخبار الخاصة المتفرقة: كجواز بيع الدهن للاستصباح، وجواز بيعه لمن يعمله صابونا، كما في كتاب النوادر للراوندي (5) بإسناده عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، وفيه: (سئل عليه السلام عن الشحم يقع فيه شئ له دم فيموت؟ قال: (تبيعه لمن يعمله صابونا (6).
وبالجملة: فالأقوى جواز بيع المتنجسات إذا كانت لها منافع معتدة بحيث إن العقلاء يبذلون بإزائها المال، سواء نقصت قيمتها بعروض النجاسة لها أم لا. نعم، لو صارت بسبب عروض النجاسة مما لا ينتفع به عادة فهذا خارج عن موضوع البحث، لأنه في حكم الخنفساء.
وأما النجاسات، فالأصل فيها أيضا جواز البيع لجواز التصرف فيها بما لا يتوقف على الطهارة، لعموم قوله عليه السلام: (كل شئ) حلال حتى تعرف أنه