وما رواه في قرب الإسناد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام: " إن عليا عليه السلام كان يقول: يعطى المستدينون من الصدقة والزكاة دينهم كله ما بلغ، إذا استدانوا في غير إسراف " (1) وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج الآتية أيضا إيماء إليه (2).
ونقل في آخر السرائر من كتاب محمد بن علي بن محبوب بسند معتبر ما يدل عليه، وفي آخرها المنع من أداء دين الغارمين من مهور النساء (3)، وبمضمونه روايات أخر (4)، ولم أقف على مصرح بمضمونها، نعم نقل في المختلف عن ابن الجنيد المنع في مهر النساء اللواتي استغني عنهن; لأن فيه نوع إسراف (5).
أقول: وإن فرض تحقق الإسراف في ذلك فهو محمل حسن لتلك الأخبار.
ثم إن ظاهر أكثر الأخبار وكلام الأصحاب أن الاستدانة لا بد أن لا تكون للمعصية، وذلك لا يستلزم عدم الجواز إذا كانت الاستدانة على وجه الصحة لكن وقع في المعصية من باب الاتفاق، ولم أقف على من صرح بالفرق، ولكن إطلاق رواية الرضا عليه السلام ورواية التفسير (6) يفيد المنع عن ذلك أيضا، وكذلك الحكمة تقتضيه.
ومقتضى ذلك: أن التوبة لا تفيد في جواز الإعطاء إذا صرفه في معصية. وقال المحقق: إن تاب صرف إليه من سهم الفقراء، وهو إنما يتم مع الإعراض عن الروايات، وهو مشكل، وأيضا يتم ذلك مع كونه فقيرا غير مالك لمؤونة السنة، فلا بد من التقييد، ولا ينافيه حينئذ صرفه في الدين; لأن الفقير يملك المال ويصرفه حيث شاء، وأيضا يتم اشتراط التوبة حينئذ على القول باشتراط العدالة.