ويجوز الارتجاع بعينها أو قيمتها لو تلفت; لأنه غاصب، بل يجب لدفع المنكر.
وإن لم يكن عالما به، فقال في المعتبر: لا يجوز الارتجاع; لأن الظاهر أنها صدقة (1).
أقول: يعني أن الأصل وإن كان عدم الانتقال إلى الآخذ لزوما، ولكن لما كان الظاهر كونها صدقة والصدقة عقد لازم، فالانتقال من الآخذ ثانيا يحتاج إلى دليل، ومجرد دعوى المعطي لا تنهض دليلا.
وهذا الكلام يدل على عدم اشتراط الفقر في صحة الصدقة، ويدل عليه ما ذكروه من أن الهبة أعم من الصدقة (2); لأجل اشتراط القربة فيها، ولم يذكروا غير ذلك، بل صرح العلامة في التذكرة في أبواب العطايا بجواز الصدقة على الأغنياء للعموم، بل يظهر منه فيها جواز نذر الصدقة على الأغنياء أيضا (3). وتدل عليه العمومات.
وروى الشيخ في مجالسه بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله، قال: " كل معروف صدقة، إلى غني أو فقير، فتصدقوا ولو بشق التمرة، واتقوا النار ولو بشق التمرة " (4) الحديث.
ثم إن ما ذكره حسن إذا ظهر كونها صدقة، وأما مع تساوي الاحتمالين فالأصل عدم الانتقال لزوما، غاية الأمر كونها إباحة فيجوز الارتجاع مع البقاء.
واستقرب في التذكرة جواز الاسترجاع; لفساد الدفع، ولأنه أبصر بنيته (5).
قال في المدارك: وهو جيد مع بقاء العين وانتفاء القرائن الدالة على كون المدفوع صدقة (6)، وهو كذلك.
ثم إن ما وجهنا به كلام المعتبر إنما يتم إذا لوحظ حال المرافعة والحكم الظاهري، وهو وجه من وجوه عدم التمكن كما سيأتي، ولكن لا ينهض دليلا على عدم جواز